قال ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، «إننا نستغرب كيف لا نرى وفد الائتلاف (الوطني السوري) يحتل مكانه الطبيعي في مقعد سوريا (في الجامعة العربية) خاصةً وأنه قد مُنِحَ هذا الحق في قمة الدوحة من قِبَل القمة العربية»، مضيفاً «نأمل أن يتم تصحيح هذا الوضع». واعتبر الأمير سلمان بن عبدالعزيز، في كلمته خلال أعمال مؤتمر القمة العربية ال 25 في الكويت أمس الثلاثاء، أن اتخاذ هذا القرار من شأنه أن يبعث برسالة قوية للمجتمع الدولي لكي يغير أسلوب تعامله مع الأزمة السورية. وقال ولي العهد «يأتي انعقاد هذه القمة بعد تعثُّر مؤتمر جنيف-2 في التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية التي مضى عليها أكثر من ثلاث سنوات دفع ثمنها الشعب السوري دماءً وأرواحاً ودماراً شاملاً عمَّ كل أرجاء سوريا»، محذراً من أنها تحولت تدريجياً إلى «ساحة مفتوحة يُمارَس فيها كل صنوف القتل والتدمير على يد نظام جائر يساعده في ذلك أطراف خارجية وجماعات إرهابية مسلحة وفدت للساحة السورية من كل حدب وصوب». وتابع «يواجه كل هذه التحديات مقاومة سورية مشروعة خذلها المجتمع الدولي وتركها فريسة لقوى غاشمة حالت دون تحقيق طموحات شعب سوريا النبيل في العيش بحرية وكرامة، وقد ترتب على ذلك حصول كارثة إنسانية رهيبة أصابت ما يقارب من نصف سكان سوريا ويتعرضون حالياً لمعاناة الهجرة والنزوح واللجوء». ورأى الأمير سلمان أن «الجهود المبذولة حتى الآن على صعيد التخفيف من المعاناة الإنسانية للسوريين بما في ذلك مؤتمرات المانحين وقرار مجلس الأمن رقم 2139 يمكن أن تحقق شيئاً من ذلك، غير أن الخروج من المأزق السوري يتطلب تحقيق تغيير في ميزان القوى على الأرض ومنح الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» ما يستحقه من دعم ومساندة باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري. أوضح ولي العهد أن «ظاهرة الإرهاب التي يشهدها عالمنا المعاصر ومنطقتنا على نحو خاص، وما تشكِّله من تحدٍّ خطير لأمننا واستقرارنا ومسار تنميتنا، تستدعي منا أخذ الحيطة والتدابير اللازمة لمكافحتها واستئصال جذورها». ونبَّه إلى أن «من أهم ملامح هذه الظاهرة بروز بعض المنظمات والمجموعات المتطرفة وما تدعيه بطلاناً باسم الإسلام والمسلمين مما ينخدع به بكل أسف البعض، إلى الحد الذي أصبحت معه هذه الظاهرة مصدراً خطيراً وكبيراً على أمن واستقرار بلداننا وشعوبنا، بل ووسيلة لزرع الفوضى والتفرقة والفتنة؛ الأمر الذي يستوجب معه بذل الجهد الجماعي واتخاذ موقف موحد ومشترك للتصدي لهذا الخطر المحدق بنا جميعاً، واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بمكافحتها»، مضيفاً «من هذا المنطلق فإن المملكة العربية السعودية تدين بشدة كافة الأعمال الإرهابية أياً كان مصدرها، ولن تألو جهداً من جانبها في مواصلة التصدي لهذه الآفة المقيتة، من خلال إصدار الأنظمة والإجراءات المجرِّمة للإرهاب وأصحاب الفكر الضال والتنظيمات التي تقف خلفه». وصف الأمير سلمان بن عبدالعزيز القمة العربية ب «فرصة للتعبير عن تأييدنا للخطوات الجارية التي اتخذتها بعض الدول العربية الشقيقة من أجل تحقيق الاستقرار السياسي والأمني»، مقدماً «التهنئة للإخوة في جمهورية مصر العربية على نتيجة الاستفتاء على الدستور التي جسَّدت لحمة الشعب المصري ووحدته وعبَّرت عن إرادته الحرة الأبية». وتابع «التهنئة موصولة للأشقاء في الجمهورية التونسية على إنجاز الدستور التونسي، كما أهنئ الإخوة في اليمن الشقيق على نجاح مؤتمر الحوار الوطني وفق المبادرة الخليجية، متمنياً لليمن الأمن والاستقرار والازدهار في ظل سيادته ووحدته الوطنية والإقليمية، ولا يفوتني أن أهنئ الشعب اللبناني على توفيقه في تشكيل حكومته آملاً أن يكون ذلك مدخلاً لتوطيد الأمن والاستقرار وبسط سلطة الدولة الشرعية في ربوع لبنان الشقيق»، متمنياً نجاح جهود الشعب الليبي في تجاوز مرحلة بلاده الانتقالية. أكد الأمير سلمان بن عبدالعزيز أن القضية الفلسطينية «تظل كما كانت دوماً في مقدمة اهتماماتنا وانشغالاتنا على مر العقود المنصرمة». وأوضح أن «موقف المملكة العربية السعودية هو ذات الموقف العربي الثابت حيال ضرورة أن تفضي أي مفاوضات أو جهود وبأي شكل من الأشكال إلى تحقيق سلام شامل وعادل يمكِّن الشعب الفلسطيني من استرداد حقوقه المشروعة وفق مقررات الشرعية الدولية، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعلى أساس رفض ما تتعرض له مدينة القدس من خطط تسعى لتهويدها وما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك ومحيطه من أخطار محدقة». ورأى أن ذلك «يستدعي من المجتمع الدولي الوقوف بصرامة أمام الممارسات الإسرائيلية التي تقوِّض أي أمل تجاه الوصول للسلام المنشود بما في ذلك استمرار النشاط الإسرائيلي في بناء المستعمرات والإصرار على يهودية إسرائيل ومواصلة انتهاك أبسط حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة على أرضه ووطنه». واعتبر ولي العهد أن القمة العربية الحالية تنعقد في خضم ظروف بالغة الدقة والحساسية «حيث تواجه منطقتنا العربية عديداً من المخاطر والتحديات مما يستوجب معها تضافر جهودنا للتصدي لكل المحاولات الهادفة إلى زعزعة أمن واستقرار دولنا العربية»، مشدداً على أن هذا الأمر «لن يتأتَّى إلا بتسلحنا بالإرادة القوية والعزيمة الصلبة والصادقة والتنسيق الجماعي المتواصل بما يكفل وحدة الرؤى وتجانس المواقف والجدية اللازمة في التعامل مع التحديات الراهنة». ونقل الأمير سلمان تحيات خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، و«تمنياته لمؤتمركم هذا بالنجاح والتوفيق، وهو على ثقة تامة بأن حنكة وحكمة أخيه صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح كفيلة بإذن الله بنجاح هذه القمة». وتطلع الأمير سلمان في ختام كلمته إلى أن يصدر عن قمة الكويت ما يساعد كل الدول العربية الأشقاء على تجاوز صعوباتها الراهنة، متابعاً «أدعو المولى القدير أن يحقق لأمتنا العربية ما نتمناه لها جميعاً من الاستقرار والنماء والازدهار، إنه سميع مجيب».