انفض سامر معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي هو بحق من أهم مشاريع وكالة الثقافة في وزارة الثقافة والإعلام التنويرية، التي تراهن بها على وعي جماهيرنا ثقافيا، وتفاخر بإنجازها. أصبح المعرض بالفعل من مناسباتنا الثقافية المهمة، ونراهن به على أن يكون له تأثيره، في إيجاد النموذج الأمثل للحوار مع ثقافة الآخر، والانفتاح على ثقافات العالم، محليا وإقليميا، خاصة وأن القائمين عليه، يرون أنه قد أصبح ظاهرة ثقافية يهتم بها الجميع، من مثقفين ومهتمين وحتى الذين يتجملون بالثقافة، وينتظرون افتتاحه كل عام، للتسكع والفسحة. المعرض هذا العام، وقد اختيرت إسبانيا سيدة السرد الروائي، ضيف شرف له، عقد تحت شعار (الكتاب قنطرة حضارة) وللقنطرة نفس المعنى بالعربية والإسبانية، ومعارض الكتاب الدولية التي تشهدها عواصم العالم، هي حقا بمنزلة الجسور والقناطر الثقافية، التي نعبر من خلالها إلى ثقافة العالم، وملتقى لحضارات الأمم وثقافاتها، يجتمع فيها شمل المفكرين والمثقفين، والمهووسين بالقراءة، ونوافذ مفتوحة يستطيع كل محب للكتاب، أن يقتني كل جديد ومفيد منها. ما يُعقد على هامش تلك المعارض من نشاطات وندوات، نعلم أن لها رونقا وألقا مختلفا من عاصمة لأخرى، لهذا شكلت الوزارة هذا العام لجنة متخصصة لتحقق هذه النشاطات والفعاليات، أهدافها التثقيفية والتنويرية. برئاسة الصديق د. زيد الفضيل، إذا كانت نشاطات المعرض التي تم إعدادها بشكل عشوائي، في السنوات الماضية، لتكرار الأسماء المشاركة، وطرح مواضيع غير مؤثرة أو مشوقة، من شأنها أن تتفاعل مع قضايا المجتمع وأزماتنا الثقافية، فإن الأمر هذا العام كان مختلفا، قد كان النشاط متنوعا، ومشاركة الدولة الضيف تثري البرنامج الثقافي، وكنا واثقين من قدرة د. الفضيل، على خلق ذلك التغيير الذي تأملناه، وإن كنا نرى إقبال العدد الهائل من زوار المعرض ضعيفا، ولو خصص جزء منهم من وقته لحضور تلك النشاطات، لكان التفاعل أكبر والفائدة أعم. استفادت الوزارة كثيرا من سلبيات الأعوام السابقة. ويُحسب للشؤون الثقافية اهتمامها بأدبائنا ورموزنا الثقافية من خلال (سلسلة كتب الرواد) التي ترصد وتوثق تاريخ هذه الرموز وتحتفي بعطائها الأدبي. وأحسب أنه في استطاعتنا الآن وقد أصبحنا أمام حقيقة لا يمكن إنكارها أن لدينا جمهورا يعشق القراءة ويسعى للحصول على الكتاب، ولاشك أن ذلك أسهم في وعيه وإدراكه، وأصبح لديه الحس الرقابي الذاتي في انتقاء ما هو جيد ورديء، وما هو ضار ونافع، لذا فإن الحاجز الرقابي والخوف من مؤثرات الغزو الفكري، لابد من تجاوزه للتغلب على كل الإشكالات التي تحدث خلال أيام المعرض.. خصوصا إذا أدرك المواطن أنه على درجة من الوعي والتنوير حين تصبح لديه المهارة في القراءة والرقابة الذاتية، في خضم الأحداث الساخنة، وفي ظروف لم يعد فيها الإنسان بعيدا عن الوصول إلى كل خبر وكل معلومة، علينا أن نجعل من معارض الكتب في عالمنا العربي مقياسا لحضارة شعوبنا، ودليل على وعيهم الثقافي، فهي مؤشرحقيقي لما وصلت إليه الأمم في تقدمها فكريا وحضاريا. وقد بدأنا في تحدي إثبات أننا أمة تقرأ وتعشق القراءة.