فر رئيس الوزراء الليبي المعزول علي زيدان إلى أوروبا بعد أن أقاله المؤتمر الوطني العام الليبي «البرلمان» الثلاثاء لإخفاقه في منع متمردين من تصدير النفط الليبي بشكل مستقل في عملية جريئة تحدت وحدة وتماسك الدولة الهش. وقال رئيس وزراء مالطا جوزيف موسكات لقناة «تي.في.إم» التليفزيونية الرسمية إن زيدان قضى في مالطا ساعتين في وقت متأخر الثلاثاء عندما توقفت طائرته للتزود بالوقود قبل أن يتوجه إلى «دولة أوروبية أخرى» لكن لم تؤكد أي دولة أوروبية وصوله إلى أراضيها حتى صباح أمس. وتهدد المواجهة حول من يحق له تصدير النفط الليبي بتعميق صدوع إقليمية وقبلية خطيرة في ليبيا حيث تدعم ميليشيات متناحرة لها معاقل في الشرق والغرب أجنحة سياسية متنافسة في حكومة ليبيا المؤقتة. ويخشى الغرب من انزلاق ليبيا عضو منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» إلى مزيد من الاضطرابات أو حتى انقسامها في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة للسيطرة على ميليشيات ورجال قبائل مسلحين ساعدوا على الإطاحة بالزعيم السابق معمر القذافي عام 2011. وتحرك البرلمان لإقالة رئيس الوزراء بعد أن تحدى متمردون يسيطرون على ثلاثة مرافئ رئيسية في شرق ليبيا أوامر الحكومة وحملوا شحنة من النفط على ناقلة ترفع علم كوريا الشمالية في إطار سعيهم للتمتع بحكم ذاتي.وعلى الرغم من تهديد رئيس الوزراء المعزول باستخدام القوة لمنع الناقلة من مغادرة المياه الإقليمية الليبية تمكنت الناقلة من الوصول إلى المياه الدولية وهو ما هز مصداقية زيدان. وصرح رئيس وزراء مالطا بأنه أجرى محادثة قصيرة مع زيدان الذي عاش سنوات طويلة في ألمانيا قبل أن تشجع انتفاضة عام 2011 ليبيين مثله يعيشون في المنفى على العودة إلى الوطن. ولا تزال ليبيا تحاول التغلب على آثار حكم الرجل الواحد للقذافي الذي استمر أربعة عقود. وأصدر النائب العام عبد القادر رضوان أمراً بمنع زيدان من السفر إلى الخارج لأنه يواجه تحقيقاً بشأن مخالفات مزعومة منها إساءة استخدام المال العام. ووافق المؤتمر الوطني العام على أن يصبح وزير الدفاع عبد الله الثني رئيس وزراء مؤقتا خلفا لزيدان لمدة أسبوعين وأدى اليمين أمام البرلمان الثلاثاء. ويعتزم أعضاء البرلمان اختيار رئيس للوزراء للفترة الانتقالية قبل الانتخابات البرلمانية التي تجري في وقت لاحق هذا العام. ومن يختار للمنصب سيواجه مهمة صعبة لتوحيد وقيادة البلاد المقسمة وفقا لخطوط قبلية وإقليمية وسياسية ويقف فيها الإسلاميون في مواجهة ليبراليين مثل زيدان. وقال المحلل السياسي الذي يعمل في طرابلس صلاح البخوش «نحن محدثون على هذه اللعبة السياسية. ما زلنا نتعلم». لكنه عبر عن أمله في حدوث تحسن بعد رحيل زيدان. ولا تملك ليبيا جيشا فاعلا أو جهازا فاعلا للشرطة أو مؤسسات سياسية. والحكومة مهددة بنقص الأموال لأن أنشطة المتمردين عند حقول النفط والمرافئ جففت عوائد النفط الحيوية. وانخفض إنتاج النفط في ليبيا إلى كميات محدودة. واندلعت اشتباكات أمس الثلاثاء بين مسلحين وقوات موالية للحكومة في سرت وهي مدينة ساحلية في وسط ليبيا تقسم شرق البلاد عن غربها ويوجد بها معقل لاثنين من أكبر الميليشيات الليبية. ولم يتأكد حتى الآن مكان الناقلة التي تسببت في إقالة زيدان.