تقود وزارة العمل حملة لتصحيح وضع سوق العمل على عدة جبهات ولست بصدد تناولها، ولكن ما يهمني هنا هو تضرر المنشآت الصغيرة لدرجة رحيل بعضها من السوق وإغلاق أبوابها وهي المستحوذة على النصيب الأكبر من الوظائف، في المقابل يصطف العشرات يومياً أمام شبابيك الخدمة في البنوك وبشكل لافت للنظر بسبب قلة الموظفين وعدم توظيف أكثر من اثنين لخدمة العملاء. وبحسبة بسيطة جداً نجد أن فروع البنوك زادت عن 1768 فرعاً في البلاد أرباحها مجتمعة تربو على 35.69 مليار ريال لو اقتطع منها فقط 6% لشكَّل في مجموعه 2.141 مليار ريال، أعتقد أن المبلغ كافٍ لاستقطاب موظفي خدمة عملاء، خاصة ونحن نشاهد أن الشبابيك المخصصة للخدمة تربو على سبعة في كل بنك، ولكن العاملة منها لا تتعدى شباكاً واحداً فقط، قد تزيد أحياناً لشباكين في أضعف الأحوال، وفي الآونة الأخيرة يُكتفَى بشباك واحد يشغله موظف يصطف أمامه العشرات ممن لديهم معاملات مالية تذهب أوقاتهم سدى في انتظار إنجاز الموظف الواحد. ألا ترى وزارة العمل أنه حان الوقت لزيارة الإدارات الرئيسة للبنوك التي يشغل مقاعدها أجانب، خاصة أن جلها إدارات حساسة في الشأن المالي، أليس الضغط على البنوك أجدى نفعاً من تحجيم المنشآت الصغيرة لدرجة أنها صارت عبئاً على أصحابها بعد أن ضُيِّق الخناق عليها بشكل يراد منه أن ترحل إلى غير رجعة. البنوك مؤسسات ربحية تُشغل أموال الناس ولا تُساهم إلا بالنذر اليسير في برامج المسؤولية الاجتماعية، إذ لم نشاهد مستشفى نفذه بنك وسلمه لوزارة الصحة على غرار شركة الاتصالات التي نفذت عدداً كبيراً من مراكز الرعاية الأولية. المجتمع في حاجة لتفاعل البنوك ورد الجميل الذي يصنعه لها دون أن يرى تجاوباً يذكر ويشكر. ويلاحظ أن البنوك تفتقر إلى الأفكار التي تخدمها في قضايا تفاعلها مع المجتمع، ولذلك نراها تنسخ من بعضها البعض في رعايتها لبرامج تقليدية لا تجدي نفعاً ولا تسقي ظمأً.. بل جُلها تذهب لمؤسسة تصرف جُل تلك المداخيل على مرتبات منسوبيها.