هل خسرت روسيا الجولة الأولى من الصراع في أوكرانيا؟ إن الأحداث المتسارعة في كييف تشير إلى تعرض حلفاء موسكو لخسائر سياسية متتالية جعلت حكم الرئيس فيكتور يانوكوفيتش على شفا الانهيار إن لم يكن انهار فعلياً. وعلى الرغم من أن الجيش الأوكراني أعلن أنه سينأى بنفسه عن كل أشكال النزاع السياسي إلا أنه ختم بيانه بعبارة طالما رددها المتظاهرون ضد السلطة وهي «المجد لأوكرانيا» وهي عبارة تثير تساؤلات عن مدى التزامه الحياد، في الوقت نفسه تقول الشرطة إنها تشاطر المتظاهرين تطلعهم إلى «التغيير السريع» ويصدر البرلمان قراراً بعزل الرئيس ويرسم مساراً سياسياً جديداً ينتصر فيه لحلفاء الاتحاد الأوروبي. كل هذه المقدمات تشير إلى أن السلطة في كييف فقدت السيطرة على أجهزة الدولة رغم الدعم الديبلوماسي من روسيا التي تحمل المعارضة مسؤولية تدهور الأوضاع. الروس لم يستطيعوا احتواء الأزمة الأوكرانية وبدت تدخلاتهم لإنقاذ الحلفاء غير فعالة، والسبب الاهتمام الكبير من قِبَل الاتحاد الأوروبي بأوكرانيا وممارسته ضغوطاً كبيرة لفرض إصلاحات سياسية وتقليص صلاحيات الرئيس وإطلاق سراح معتقلين من قادة المعارضة. أمام هذا الضغط الأوروبي فشل حلفاء موسكو في أوكرانيا بفرض هيمنتهم وزاد نفوذ المعارضة، رغم أن النهاية لم تُكتَب بعد كون المشهد مفتوحاً على كل الاحتمالات، بما في ذلك التقسيم والحرب والأهلية، فمناطق الشرق الأوكراني معقل الرئيس يانوكوفيتش ترفض قرارات البرلمان وتعدها غير شرعية، فيما يرفض الرئيس الاستقالة ويعد نفسه شرعياً. الحدث الأوكراني مازال في بداياته وترك الباب مفتوحاً أمام خيارات روسية قد تكون مصيرية في مواجهة المعارضة والغرب بشقيه الأمريكي والأوروبي. الحديث عن الهزيمة الروسية في أوكرانيا رغم أنه مازال مبكراً لكنه يستدعي بالضرورة تناول مواقف الروس في سوريا، إنهم يظهرون قدراً أكبر من التعنت الديبلوماسي، ويسعون إلى فرض قناعاتهم على العالم، وهو ما يدفع المراقبين إلى التساؤل: هل بشار الأسد أهم عند موسكو من يانوكوفيتش؟ قد يكون الأخير هو الأهم والأقرب بحكم عوامل عديدة لكن الأول لم يتعرض إلى ضغوط من المجتمع الدولي تفقده السلطة.. إن الذي صنع الفارق في أوكرانيا هو جدية المجتمع الدولي.