سيطر محتجون على مقر الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش في العاصمة كييف امس السبت فيما طالبت المعارضة بإجراء انتخابات جديدة بحلول مايو مع تراجع إحكام الرئيس الموالي لروسيا قبضته على السلطة في أعقاب إراقة الدماء في العاصمة. واعلن يانوكوفيتش انه "لا ينوي الاستقالة"، وذلك في كلمة بثها التلفزيون في أوج الأزمة السياسية في أوكرانيا. وقال يانوكوفيتش ان "البلد يشهد انقلابا". واضاف "لا أنوي الاستقالة. أنا رئيس منتخب بطريقة شرعية. لا أنوي مغادرة البلاد". وقال مراسل لرويترز ان المحتجين دخلوا مقر الرئيس في العاصمة وكانوا يسيطرون على البوابة الرئيسية وكان الحراس داخل المبنى لكنهم كانوا يحاولون طرد المحتجين. وذكرت وسائل إعلام إن مقر يانوكوفيتش خارج العاصمة كان خالياً أيضا وإن الصحفيين يدخلونه دون قيود. في غضون ذلك ذكر مصدر أمني كبير أن الرئيس لا يزال في أوكرانيا لكنه لم يستطع أن يؤكد ما إذا كان في كييف. وقدم يانوكوفيتش الذي اغضب الكثير من السكان بالتحول عن الاتحاد الاوروبي لتوثيق العلاقات مع روسيا قبل ثلاثة أشهر تنازلات كبيرة شاملة في اتفاق توسط فيه دبلوماسيون أوروبيون اول أمس الجمعة بعد أيام من العنف أودت بحياة 77 شخصا. لكن الاتفاق الذي دعا الى إجراء انتخابات مبكرة بنهاية العام لم يكن كافياً لإرضاء المتظاهرين الذين يريدون أن يتنحى على الفور بعد إراقة الدماء التي شهدت إطلاق قناصة الشرطة النار من على أسطح المباني. وسارع البرلمان بتنفيذ الاتفاق وصوت لصالح استعادة دستور يحد من سلطات الرئيس مع تغيير القوانين الأمر الذي قد يسمح بالافراج عن زعيمة المعارضة المسجونة يوليا تيموشينكو. واستقال رئيس البرلمان وهو موال ليانوكوفيتش وانتخب البرلمان أمس الكسندر تورتشينوف الحليف الوثيق لتيموشينكو خلفا له. وصوت البرلمان الأوكراني أمس السبت على قرار ينص على الافراج "الفوري" عن المعارضة المسجونة يوليا تيموشنكو. وصرح النائب فيكتور شفيتس، وهو خبير قانوني في حزب تيموشنكو، لفرانس برس ان القرار الذي ايده 322 نائباً "يلحظ الافراج الفوري عن يوليا تيموشنكو استناداً الى قرار للمحكمة الاوروبية". وتسير الاحداث بوتيرة سريعة مما قد يؤدي الى تحول حاسم في مستقبل البلد الذي يقطنه 46 مليون نسمة بعيداً عن فلك موسكو نحو الغرب غير ان أوكرانيا تقترب من الإفلاس وتعتمد على الدعم الروسي لتسديد ديونها. وقال زعيم المعارضة الأوكرانية فيتالي كليتشكو أمام جلسة استثنائية للبرلمان الذي يناقش طلباً للمعارضة يدعو إلى تنحي يانوكوفيتش "غادر العاصمة اليوم. ملايين الأوكرانيين لا يرون سوى خيار واحد.. انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة." وذكر مصدر أمني كبير متحدثاً لرويترز عن يانوكوفيتش "كل شيء على ما يرام بالنسبة له. هو في أوكرانيا." وسئل عما إذا كان الرئيس الذي تحاصره المشاكل موجوداً في العاصمة فرد المصدر "لا أستطيع الإفصاح." وذكرت وكالة الإعلام المستقلة الأوكرانية للأنباء أن آنا هيرمان وهي نائبة مقربة من يانوكوفيتش قالت إن الرئيس موجود في مدينة خاركيف بشمال شرق البلاد. وفي مقر الرئاسة في العاصمة قال أوستاب كريفديك الذي وصف نفسه بزعيم الاحتجاج ان بعض المحتجين دخلوا المقر لكن لم تحدث عمليات نهب. وفي علامة على التحول السريع بدت وزراء الداخلية المسؤولة عن فض الاحتجاجات تقف بثقلها وراء الاحتجاجات. وقالت في بيان نشرته على موقعها بعد يوم من تصويت البرلمان لصالح عزل وزير الداخلية فيتالي زاخارتشينكو إنها خدمت "الشعب الأوكراني... وتشاركه مشاركة تامة في رغبته القوية في التغيير السريع." وحثت المواطنين على التوحد من أجل إنشاء دولة أوروبية مستقلة وديمقراطية وعادلة بشكل حقيقي. وأنهت التنازلات الواسعة التي قدمها يانوكوفيتش أمس 48 ساعة من العنف حولت وسط كييف الى جحيم. الى ذلك دعا وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينمايرأمس السبت الحكومة والمعارضة في أوكرانيا الى احترام الاتفاق للخروج من الأزمة بحسب بيان للوزارة. وقال شتاينماير "بات يتوقف على طرفي النزاع -أكان من جانب الحكومة أم من جانب المعارضة- الالتزام بما اتفق عليه والبدء ببناء علاقة ثقة". وأكد الوزير الألماني ان "الوضع يبقى هشاً الى حد بعيد"، مشددا على ان الؤولوية هي "في الدرجة الاولى للبدء بمفاوضات لتشكيل حكومة موقتة (...) انه الامر الاهم لمنح أوكرانيا حكومة مستقرة يوافق عليها الطرفان". واضاف "لقد حددنا اطاراً وما ينبغي القيام به ضمن هذا الاطار يعود إلى الأوكرانيين أنفسهم، أمام القيادة السياسية الحالية والمعارضة اليوم فرصة التقارب على أساس الاتفاق، آمل ان يتم انتهاز هذه الفرصة، قد تكون الفرصة الاخيرة للتوصل الى تطور سلمي من أجل مستقبل أوكرانيا". مجموعة من رجال الشرطة تنضم للمتظاهرين المعارضين للحكومة في كييف (ا ف ب)