«المخارج المحتملة للمأزق في الشرق الأوسط «.. عنوان محور ورقة العمل الرئيسة للندوة الدولية التي أقيمت في معهد العلاقات الدولية بموسكو، شارك فيها أبرز الخبراء الروس في قضايا المنطقة، في مقدمتهم (فيتالي ناعومكين) مدير معهد الاستشراق الروسي، و«يفجيني ساتانوفسكي» مدير معهد بحوث إسرائيل والشرق الأوسط، الذي أكد: أن التهديد الحقيقي في المنطقة مصدره الأساسي (إيران)، وليست أية دولة أخرى. روسيا هي أكثر المروجين لسيناريو الحرب القادمة في الشرق الأوسط، وتحديداً بين إسرائيل وإيران، وهي أول مَنْ يستخدم حق النقض – الفيتو (بالاتفاق مع الصين) ضد قرارات مجلس الأمن فيما يخص العقوبات الاقتصادية ضد إيران!.. وهو تناقض يسهل رفعه أو حله في عالم السياسة ودهاليزها. أحدث تقرير صادر عن مؤسسة كارينجي للسلام العالمي، بعنوان «إيران.. رؤية من موسكو» للباحثين المخضرمين ديمتري ترنين وإلكسي مالاشينكو، يخلص إلى: أن بروز إيران كقوة صاعدة، سيزيد من توتر العلاقات مع روسيا، التي يفترض كثير من المراقبين من خارج البلدين، أن العلاقات الاقتصادية والعسكرية بينهما (وثيقة)، بينما هذه العلاقات معقدة للغاية، موسكو تشعر بالقلق المتزايد من طموحات إيران النووية في المنطقة، التي تتجاوز بحر قزوين والقوقاز ووسط آسيا... روسيا في النهاية: لا تريد منافساً إقليمياً لها في المنطقة، ولا تريد في الوقت نفسه (ضرب إيران).. لماذا؟ لأن هذه الحرب القادمة في الشرق الأوسط، تستلزم استكمال الولاياتالمتحدة والناتو إقامة «درع دفاع صاروخية» في جنوب أوروبا، وحسب الجنرال «نيقولاي ماكاروف»، رئيس الأركان العامة في القوات المسلحة الروسية، فإن: «توسيع أعمال الناتو باتجاه الشرق (وإيران) يهدد بنشوب صراعات إقليمية قد تتطور إلى حرب شاملة تُستخدم فيها أسلحة نووية». لا حديث في مراكز الأبحاث والدراسات في الولاياتالمتحدة، خارج «الاحتمالات والتوقعات والبدائل» لهذه الحرب القادمة، خاصة في هذا العام الذي يشهد سباقاً محموماً على الانتخابات الرئاسية بين المرشح الجمهوري الأوفر حظاً «ميت رومني» والرئيس أوباما، فقد كتب جورج فريدمان الباحث في مركز الأبحاث الاستراتيجية «ستراتفور» ما يلي: «إذا شن أوباما الحرب على إيران، فهو سيدمرها عسكرياً، ويهدئ من روع السعوديين، ويظهر للأوروبيين مدى قدرة أمريكا وإرادتها، ويدفع روسيا والصين في إمعان التفكير، إن المأزق الداخلي يجعل أوباما في حاجة إلى أن يبدو قائداً أعلى فعالاً، وإيران هي هدف منطقي لتحقيق ذلك». مصير التجديد للرئيس أوباما هذا العام 2012، يحتاج إلى معجزتين: الأولى (داخلية) حتى يخرج من الأزمة الاقتصادية بأسرع ما يمكن، ذلك لأنه خارج الاقتصاد والأوضاع الداخلية الأمريكية، يصبح الكلام عن هذه الانتخابات ونتائجها، مجرد (فانتازيا)، لأن نسبة البطالة لم تتحرك عن 9.6%، ما يؤكد عدم تعافي الاقتصاد منذ الأزمة المالية العالمية. المعجزة الثانية (خارجية) وهي نجاحه في ثلاثة ملفات دفعة واحدة: أفغانستان، والمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والملف النووي الإيراني، والملفان الأخيران هما الأهم الآن، خاصة بعد تصاعد فرص نجاح الجمهوريين، وهنا قد يلجأ أوباما إلى (كلفتة) الحقوق الفلسطينية، وقد أظهر تراجعاً مبكراً عن مواقفه المعلنة من الاستيطان الإسرائيلي، كما لم يستنكر إعلان نتانياهو (يهودية الدولة الإسرائيلية)، ومن المتوقع أن يزايد في مساندته لإسرائيل وربما يطلب من الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة نظير حصولهم على المساعدات الأمريكية، وما تعهده قبل أيام بالعمل مع إسرائيل وكل حلفائها فى العالم لمكافحة «عودة معاداة السامية»، في مناسبة اليوم العالمي لذكرى ضحايا محرقة اليهود (الهولوكوست)، إلا محاولة لكسب ود اللوبي اليهودي في معركة الرئاسة القادمة، خاصة أن خصومه يتهمونه بعدم دعم إسرائيل بالقدر الكافي. «رومني» المنافس اللدود أعلن مساندته الكاملة لإسرائيل في ذكرى «الهولوكوست»، في توقيت خطاب أوباما نفسه، وقال: «في وقت تواجه دولة إسرائيل تهديد إرهابيين عنيفين وطغاة يسعون للتزود بسلاح نووي وحملة تسعى إلى نزع الشرعية عن الدولة اليهودية، على الولاياتالمتحدة البقاء متحدة جنباً إلى جنب مع حليفتها في سعيها إلى السلام والأمن». وهو ما قد يدفع «أوباما» إلى استخدام كل السلطات والصلاحيات التي في يده (ولا مكرمة في الحرب، كما يقول الفرنسيون) لإعادة انتخابه لولاية ثانية، وربما يلجأ إلى مغازلة اللوبي اليهودي أكثر في الشهور القليلة القادمة طمعاً في تأييده مادياً وإعلامياً وسياسياً، مقابل «ضربة استباقية خاطفة» لإيران أو السماح لإسرائيل بذلك.