سألتُ أبي ذات يوم عن تلك المضغة التي إن نبضت تنبض بالسلام لجميع من حولها، عن تلك الروح المتيمة بروحٍ أخرى، عن تلك المشاعر الجارية في صدور أعلنت جفافها لتحييها من جديد، عن الحب وعن عجزنا أمام إرادة ذاك النبض إذا أحب… فأجابني: الحب يا «بنتي» يتجسد في صبر ذاك الأب الفقير ورؤيته يغادر منزله كل يوم؛ لينسج من عرق شقائه ابتسامةً تُرسم على وجوه أطفاله، يتناسى نفسه ليعيش لأنفاسهم، الحب نراه في عيني مسن ممسك بيد رفيقة دربه؛ ليحكي معها مطولاً عن كل ما يحدث وهي لا تفقه شيئاً، هي تلك الوالدة التي أدمعت عينيها لرؤية طفلها يمشي على قدميه لأول مرة، آملة أن ترى ولده بنفس الموقف بعد سنين، وهو ذاك الرجل الذي أغمض عينيه عنوة لكون زوجته لن ترى مجدداً. الحُب يا صغيرتي حياةٌ يكسوها البياض، تحيا بها أنفاس لن تتوقف أبدا، هو عينٌ ثالثة لا ترى سوى الجمال؛ لذا أطلقي العنان لبصركِ؛ ليتمكن من الرؤية بعيني محب.. ولكن حذاري أن تفتحيها أمام قوة الرياح العاتية، فهي تجتاحُكِ قاصدة تشويه جميع المناظر أمامكِ؛ لتزرع في عينيكِ وباء يجعلها تتعفن وتفقأ بصمت… لذا أصدقُ الحب يا «بنتي» هو ذاك الحب الإلهي الذي لا يشوبه حزن ولا انكسار، يكمن في سجدة مطولة تستودعين فيها قلبكِ لخالقك وأنتِ تقولين: «اللهم إنّا نسألك حبك وحب من يحبك وحب العمل الذي يقربنا إليك». قال: ليس الحب كل شيء، لكن كل شيء هو الحب.