فاز الشاعر السعودي زياد بن حجاب بن نحيت، صادف يوم التتويج أن كنت جالساً عند والده رجل الأعمال والشاعر المعروف حجاب بن نحيت، وكنت بصدد إجراء لقاء صحافي معه لمجلة فواصل في ذلك الوقت، وطلبت منه أن نؤجل المقابلة إلى ما بعد إعلان النتيجة، فقال لي : « اخلص من لقائك ولا تهتم بالنتيجة ابني زياد فاز بالبيرق وانتهى»! كنت أعتقد ذلك توقع أو أنها مجرد أمنية وعاطفة أب يتمنى ذلك لولده، وبالفعل أجريت معه اللقاء وخرجت. عدت إلى المنزل وجلست أمام التلفزيون أترقّب إعلان النتيجة إلى أن جاءت لحظة التتويج وحصل زياد على البيرق!. اتصلت بزميلي الذي كان يرافقني وقلت له: «صدق الشيخ حجاب» فقال لي ببراءة: «الجماعة صرفوا واجد يعني ليس أقل من عشرة ملايين ريال هذا غير اللي دفعوه جماعتهم»!. وهذا ما دعاني أغرق في نوبة تفكيرعميقة واسأل يا ترى لماذا كانوا يقولون «الموسم الأول والموسم الثاني وهكذا؟ لماذا يسمونه موسما؟! هل يعتبرونه موسماً حقاً ؟!. وأن القائمين على هذا البرنامج ينتظرون «الحصاد» بفارغ الصبر؟!!. لم اتفق مع تفكيري كثيراً واعتبرته «ظناً» وأن بعضه «إثم» وتعوذت حينئذ من الشيطان الرجيم، وقلت: يا نفسي .. يا أمارة بالسوء .. كيف تظنين ذلك والبرنامج يبث على قناة حكومية قوية مالياً «قناة أبو ظبي « وترعاه جهة حكومية هي «هيئة أبو ظبي للتراث والثقافة» وترعاه وتدعمه الكثير من الشخصيات الخيّرة والمعطاءة. يا نفسي : ألم يقل القائمون على برنامج الحصاد اقصد شاعر المليون بأنه جاء لخدمة الموروث الشعبي؟! ألم يحصل الشاعر فلان على «مائة ألف والشاعر فلان على سيارة جيب والكثير الكثير من «الشرهات» التي حصل عليها الشعراء اللذين شاركوا دون أن «يدفقوا ماء وجوههم ولا يشحذوا بقصيدة مدح واحدة». وماذا يعني لو كانت حتى تلك الشرهات أو الجوائز التي حصلوا عليها من «فلوس أهلهم.»؟ أليست هذه شطارة وإنه «حلال على الشاطر» بأن يتحايل على الشاعر وأهله»؟!. مرت ال «مواسم» وأنا ونفسي الأمارة بالسوء في هذا الجدل، رغم أنني ذهبت عنوة إلى «مخيمات جمع التبرعات» ولأكثر من «لابة» شاعر وشاهدت بأم عيني كيف يتوافد أصحاب الجاه والمال وأصحاب المكانة، ومتوسطو ومحدودو الدخل والمعوزون والمعسرون وكل واحد يجود بما يستطع من أجل ألاَّ يمشي مطأطئ الرأس بين جماعته وأفراد قبيلته أو عائلته» لم تكن «شحذة» علنية أو مساعدة معسر يرجى منها الأجر والمثوبة، ولكن الظروف وضعتهم أمام «ولد» تم وضعه على قائمة التصويت ولا بد من نصرته، في طريق المشاعر. ومن الغرابة أن أجد من يغضب من الآلية التي يدار بها شاعر المليون ويعتبرونه استنزافاً وسطواً على «جيوب الفقراء والمعوزين»؟! فهل مبلغ « عشرة ريالات « أو بما يوازيها من العملات الأخرى، التي يدفعها أدنى معسر كقيمة لبطاقة شحن مسبوقة الدفع ويصّوت من خلالها لأبن جلدته تؤثر على قوت أطفاله»؟!. ماذا يعني لو باتوا ليلتهم دون أن يأكلوا شيئاً؟ «يناموا بدري» فهي ليلة وتمضي»؟. أليس أفضل من أن يشعر ولدهم بأن «لابته» أو قبيلته أقل من غيرها من «اللابات» الأخرى؟! ولماذا ينكرون فضل هذا البرنامج الذي أعاد لهم مصطلح «لابة» بعدما كان مندثراً وعادت له الحياة مجدداً؟!. صراحة أستغرب من بعض الفهم الخاطئ، خاصة من الذين يلقون بالعتب واللوم على الإخوة القائمين على البرنامج والزملاء في لجنة التحكيم ويحاسبونهم على عبارة «هذا البرنامج جاء لخدمة الموروث الشعبي». وأسألهم: هل تريدون خدمة دون مقابل؟! إذن لماذا سموها «سيرفس» يا فاهمين؟!. نحن مجتمعات أغلبها يسير خلف الشكوك، خاصة وأن بعض القنوات الفضائية سممت آذاننا بما يسمى ب «المؤامرات» ومن يريد أن يقطع الشك باليقين عليه أن يسأل نفسه لماذا تمر المواسم دون أن يحصل ولا شاعر إماراتي على البيرق أو الجائزة؟! أليست هذه شهادة براءة ودليل نزاهة واعتراف بأن اللقب لا يحصل عليه إلا من يصوّت أكثر عفواً من يستحقه؟! هل تتذكرون الموسم الذي أعقب خروج الفراعنة وزملائه من الشعراء السعوديين، وعندما ارتفعت الأصوات وتسربت بعض الأخبار بأن الشعراء السعوديين لن يشاركوا في البرنامج ثانية، كيف حنّ الكرماء في شاعر المليون ومنحوهم اللقب في الموسم الثالث رغم وجود من كان يريد أن يدفع أكثر؟! أقف مذهولاً أمام ما يتردد من شائعات مغرضة تقول إن البرنامج فقد مصداقيته وخفت نجمه وقل عدد متابعيه وإن نجوم الشعر أثروا المشاركة والكثير الكثير من الشائعات المغرضة؟! ألم يقل القائمون على البرنامج، ومنذ انطلاقته الأولى إنه «موسم» وإنه قد يتعرض للجدب والجفاف.. لماذا لا تدعوا أن «يجيب الله مطر»؟! الخلاصة أنه لا بد من وقفة مع الضمير وقول شهادة حق.. حتى وإن كانت مبنية على باطل، وهذه فيما يخص لجنة التحكيم «التي علمت أولادنا» واستفادوا منها دروساً نقدية عميقة في الشعر الشعبي منها: أنت خير من يمثل «لابتك» و»فالك البيرق» و»أنت ايش فخذك» و»وما فيك حيلة» وهذه وحدها تكفي لكي تكتشف أن ابنك ليس «ثعلباً ماكراً». أحسنوا الظن في شاعر المليون وصوتوا ل «ولدكم « حتى لا يشعر بالنقص ويصاب بالخذلان أمام أبناء «اللابات» الأخرى. شعار شاعر المليون