حذر وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل من أي محاولات ترمي إلى تغيير مسار مؤتمر جنيف- 2 وإبعاده عن الأهداف المرسومة له في محاولة يائسة لتحسين صورة نظام الأسد، والدعاية بأنه يحارب الإرهاب، فهل يمكن تصور أن ما يتجاوز مائة ألف ضحية قتلوا على يد النظام إرهابيون؟ جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الأمير سعود الفيصل رئيس وفد المملكة إلى أعمال المؤتمر الدولي حول سوريا«جنيف – 2» الذي تستضيفه مدينة «مونترو» السويسرية. وقال الفيصل في كلمته أمام المؤتمر: «نجتمع اليوم والأزمة السورية شارفت على نهاية عامها الثالث، دون بارقة أمل يوقف نزيف الدماء المستمر للشعب السوري، وما لحق بالبلاد من ألوان الدمار والخراب، الأمر الذي جعل من هذه الأزمة أكبر الكوارث في تاريخنا المعاصر. إن مشاركة المملكة في هذا الاجتماع تأتي تأكيداً على نهجها واستمرارا لسياستها الرامية إلى التوصل لحل سلمي للأزمة. فمنذ الأيام الأولى لنشوبها في مارس 2011م، بادر خادم الحرمين الشريفين بإجراء خمسة اتصالات مباشرة بالنظام السوري، في محاولة لثنيه عن استخدام العنف غير المبرر، وحثه على المبادرات السلمية في مواجهة المطالب المحدودة لشعبه، غير أن النظام أبى واستكبر وأصر على الاستمرار في استخدام العنف إلى حد اللجوء للحل العسكري، مستخدما أكثر الأسلحة فتكا وتدميرا، بل إن النظام تمادى في غيه حين استخدم السلاح الكيماوي دونما وازع من ضمير أو أدنى احترام للقوانين الدولية التي تحرِّم استخدام هذا السلاح. ومع ذلك فإن المملكة استمرت في جهودها للأخذ بالحل السلمي دون كلل أو ملل، جنبا إلى جنب مع أشقائها في الجامعة العربية، وفي منظمة التعاون الإسلامي، وفي مجموعة أصدقاء سوريا. إلا أن كل هذه الجهود تحطمت أمام عناد النظام وإصراره على حسم النزاع عسكريا حتى لو تطلب الأمر الاستعانة بمرتزقة، واستباحة أرض بلاده للاحتلال الأجنبي، وتفتيت وحدة سوريا الوطنية، وتهديد سلامتها الإقليمية.» وأضاف الفيصل: «إن تلبية المملكة للدعوة لهذا المؤتمر، جاءت بناء على الضمانات والتأكيدات التي تضمنتها دعوة الأمين العام للأمم المتحدة التي نصت على أن الهدف من مؤتمر (جنيف-2) هو التطبيق الكامل لما ورد في مؤتمر (جنيف-1). وندرك جميعا أن أهم مضامين هذا الإعلان هو تشكيل حكومة انتقالية تتمتع بصلاحيات كاملة تمكنها من استلام زمام الأمور وإدارة شؤون البلاد من مختلف الجوانب السياسية والأمنية والعسكرية، ومن البديهي ألا يكون لبشار الأسد أو أي من رموز نظامه أو من تلطخت أيديهم بدماء السوريين أي دور حالي أو مستقبلي في هذا الترتيب». وأكد الأمير أنه وحتى تتمكن سوريا من الخروج من النفق المظلم، فإننا نرى أن تكون انطلاقتنا إلى الحل المنشود مرتكزة على العناصر التالية: أولا: الانسحاب الفوري لكافة القوات والعناصر الأجنبية المسلحة من الأراضي السورية، بما في ذلك قوات الحرس الثوري الإيراني، وميليشيات حزب الله. ثانيا: وقف القتال وفك الحصار عن المدن والقرى السورية، بما في ذلك القصف الجوي والمدفعي الذي يشنه النظام. ثالثا: إيجاد مناطق وممرات آمنة لإيصال المساعدات للسوريين وبإشراف دولي يضمن ذلك. رابعا: إطلاق سراح المعتقلين والمحتجزين لدى النظام السوري. إن من شأن ذلك تمكين السوريين من الاضطلاع بمسؤولياتهم بمعزل عن التدخلات الخارجية، وبما يمكنهم من تقرير مصيرهم والمحافظة على سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها الإقليمية، وتحقيق طموحات وتطلعات جميع مكونات الشعب السوري دون تمييز أو تفرقة، وهذه المبادئ هي بالضبط ما نصت عليه وثيقة العهد الوطني الصادرة عن الائتلاف الوطني السوري باعتباره الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري الذي يحظى باعتراف الجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وما يقارب من ثلثي سكان العالم الممثلين في مجموعة أصدقاء سوريا. وأضاف أن الأمل يحدونا في أن يتم التعامل مع الأزمة السورية في هذا المؤتمر بعيدا عن محاولات الاستقطاب أو الاسترضاء، أو المناورات السياسية التي كبلت مجلس الأمن، عسى أن يعيد المؤتمر لهذا المجلس دوره المنصوص عليه في ميثاق الأممالمتحدة، وذلك بتبنيه ما يتم التوصل إليه من اتفاق، وضمان تنفيذه والالتزام ببنوده. وختم بقوله «آن الأوان لإيقاف نزيف الدم وإنهاء معاناة الشعب السوري المكلوم، والفرصة مواتية لنا بعدم خذلان السوريين مرة أخرى».