الانتماء للوطن لا يقبل المقايضات، ولا يخضع للأهواء والرغبات المتغيرة، هو جوهر مصان في القلوب. في كل وطن هناك من يتحدث عن مطالب محقة، سواء أكانت معيشية أو غيرها من معالجة أوجه القصور ومكافحة الفساد، وتقف خلفها نيات صادقة وعقول رزينة لا تجعل منها شكلاً من أشكال المساومة على الوطن ومقدراته، تستلهم الماضي وتراعي الحاضر وتستشرف المستقبل بعيون فاحصة وعقل يضع جميع الاعتبارات في الحسبان، ويعي المنجزات التي يشهد لها الواقع، وينصفها كل قارئ منصف للتاريخ من خلال الاستقراء والاستقصاء والمقارنة. إن ما نعيشه من استقرار أمني واجتماعي لم يكن محض صدفة أو نتيجة مترتبة على تدفق البترول من أرضنا فقط، والدليل الأوضاع في العراق وليبيا، على سبيل المثال، إذا أخضعنا مقارنتنا لمبدأ النسبة والتناسب. الانتماء للوطن لا يقبل مفردات «لكن» و«سنرى»، وليس وطنياً من يجعل من انتمائه إليه قضية تقبل وجهات النظر. فالوطن وأمنه ومنجزاته تم دفع مهرها أنهاراً من الدماء بملاحم بطولية في مرحلة يسود العالم فيها الاضطراب والرؤية الضبابية.