تقول الأسطورة الإفريقية بينما كانت مجموعة من الصيادين في طريقها في الغابة؛ فوجئت بفحيح ثعبان في وجهها، فهجمت عليه تريد قتله، فهرب حتى دخل بيت فلاح فاستغاث به. نظر الفلاح فلم يجد سوى بطنه مكاناً آمناً. هكذا دخل الثعبان بطن الرجل، فوجد الأمن والدفء والغذاء، فلما جاء الصيادون يبحثون عنه لم يعثروا له على أثر فرجعوا خائبين. بعد انصراف الصيادين هتف الفلاح في الثعبان أن هلم فاخرج فقد أمنت ونجوت. نظر الثعبان في قول الرجل وقد أغراه المكان، فرفض الخروج؟ احتار الرجل في كيفية إخراجه، فمضى على وجهه يلتمس سبيلاً يخرج الخبيث من أحشائه، حتى اجتمع في طريقه بطائر الهدهد فرآه مهموماً. قال له: ما بالك يا صاحبي، وأنا أعرفك نشيطاً طيب النفس، كل يوم تنطلق إلى الحقل، وأنت تغني، وأراك اليوم قد انطويت على نفسك، وفارقت الابتسامة وجهك؟ قال يا صديقي قد ركبني الهم وأعيتني الحيلة عما أنا فيه؟ قال: وما ذلك؟ عسى أن أشير عليك بما ينفعك ويفرج كربتك؟ قال يا صاحبي هو ثعبان لعين طلب النجدة حين حزبه أمره، وطلب الأمن عندي، فحشرته في بطني فهو راقد فيه لا يبغي حراكا أو خروجاً. قال الهدهد أصلحك الله لقد أتيت منكراً من العمل، وأدخلت على نفسك السقم، فهل رأيت من يؤوي الأفاعي، وهو يعلم أن في أنيابها العطب. قال الفلاح هذا الذي حصل فهل عندك حيلة أخرجها من بطني؟ فكر الهدهد ثم قال لك عندي حيلة إن أطعتني أخرجناها معاً. قال الرجل وكيف؟ قال تجلس القرفصاء، وتحبس نفسك، وتضغط بطنك، فيشتد عليها المكان ويضيق، فتخرج.قال ثم ماذا؟ قال يأتي دوري، فأنتشلها بمنقاري، فألقيها خارجاً أو قتلتها. قال نعم الرأي ما قلت. ثم إن الرجل قرفص في الأرض، وكتم أنفاسه، ونفخ بطنه، فضاقت المجاري على الحية، فبدأت تطل من حلقه إلى الخارج، فما كان من الهدهد إلا أن انقض على رأس الأفعى، فشدها وألقاها إلى الخارج. فرح الرجل بخلاصه من الحية، ولكنه ارتاب في أمر، فهمس في أذن الهدهد، وقال: يا صاحبي تعرف ما الذي يهمني الآن؟ قال الهدهد: ألا تفرح بعد أنك نجوت ونظفت أحشاءك من الأفعى اللعينة؟ قال هو كذلك، فأنا الآن أخشى أن تكون قد بصقت سمها داخل بطني فأموت بعد حين. نظر الهدهد في وجه الفلاح المرتاب، ثم قال له حسناً، وهذه لها حل. قال وما هو ؟ قال علاجها أن تذبح ستة طيور بيض، تطبخها على نار هادئة، وتأكلها في مساء بارد، مع قدح من اللبن المملح، فإن كان هناك سم طرحه بدنك فتعافيت. نظر الفلاح إلى الهدهد ثم قال: مثلك لا يفرط به، فهلا اقتربت مني؛ فكافأتك. ولما اقترب الهدهد من الفلاح، أمسك برقبته، ثم حشره في كيس، ثم ربط عنقه. ولما رجع الفلاح إلى بيته قص الخبر على زوجته، قالت: ويحك أهذا جزاء من أنقذك؟ وخلصك من الحية السامة؟ رجع الفلاح بسرعة إلى الكيس فأطلق الهدهد؛ فلما طار كان أول شيء فعله، أن انقض على الفلاح ففقأ عينه، ثم أطلق جناحيه للريح. إن الذي يغدر بالآخرين عليه أن يتوقع العقاب مع فوائده المركبة.