للأم حقوق عظيمة .. وللزوجة حقوق معروفة .. والصالحون يعطون كل ذي حق حقه، ويزنون الأمور، ويحسنون النية والتصرف ، وقبل هذا وذاك يخافون الله -جلّ وعز- ويسيرون على تعاليم دينه الحنيف، فيبرون أمهاتهم أكرم البر ، ويكرمون زوجاتهم كما يفعل الرجال الأخيار (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) كما ورد في الحديث الشريف .. . هؤلاء الأخيار يعيشون حياة سعيدة، كريمة، ويحبهم الله ، ويحبهم الناس .. . غير أن هناك شواذ من الأوغاد ، يعقون الأم ويبرون الزوجة زيادة ، ويقدم الوغد منهم زوجته على أمه في جل الأمور .. وبما أن الطيور على أشكالها تقع ، والوغد لا يتزوج الا وغدة في الغالب ، فإن زوجته تدفعه لعقوق أمه بكل الوسائل ، بالكيد الخفي، والكذب والخداع، والافتراء على الأم الطيبة .. ولهذا الوغد نقول (لن تجد أما ثانية لكنك تجد زوجات) ولَزوجةٌ صالحةٌ تساعد زوجها على بر أمّه خير ألف مرة من ألف امرأة جميلة تُكِنّ الشر لأهل الزوج عامة ، ولأمه خاصة .. فالجنة تحت أقدام الأمهات .. والوغد الذي يعق أمه ويطيع كيد زوجته في مضاعفة العقوق ، انما تدفعه هذه الزوجة الخبيثة إلى البعد عن الجنة والقرب من النار ، وتجعله بغيضاً مُبغَضاً من الله والناس . وحين كانت نجد في فقر -! قبل توحيد المملكة- كان كثيرون يسافرون للعمل في العراق أو الهند، وكان منهم رجل له زوجة وطفلان وأم مسنة وأخ مراهق ، يسكنون في بيت واحد وكانت الزوجة ماكرة وتريد أن تستحوذ على الزوج ، فإذا حضر أظهرت البر بأمه ، واذا غاب سامتها العذاب ، وكان يرسل -في غيابه- رسائل لأمه وزوجته وبعض النقود والهدايا، ويخص الزوجة بالغالي الثمين والأم بالرخيص ، فتفتح الزوجة صندوق هداياها أمام الأم لتكيدها حتى أصابها القهر وهي لا ترى منه إلا رسالة مختصرة وبضاعة رخيصة ولانقود ، فيقال انها نقلت ذلك للشاعر ابراهيم بن جعيثن فقال على لسانها : لفاني كتابك ياسراج نضيري والدمع من عيني عليه نثير لفاني وحطيته على القلب فرحه وبشرت من لي صاحب وعشير كنه قميص ليوسف يوم جابه لأبوه من بعد الفراق بشير من يوم وصل بها البشير وشمه فتح وهو من قبل كان ضرير خيار مابه كلمه سرني بها يقول حق الوالدين كبير عساك تذكر حقهم ياوليدي وياجعل خيرك مايزال كثير حملتك تسعه اشهر في شواكلي والبطن مني ماوقع وجفير حملت بك كره وكره وضعتك وسعت لك حضني وصار سرير ورضاعتك حولين من در مهجتي ارعاك بعيوني عن الخطير ابيك لعازات الليالي ذخيره مابيك تشفع لي بيوم كبير حتى بلغت الرشد وابصرت نفسك وقدري غدا عند الرجال حقير قلطت بنت الناس وانا نسيتني وحطيت فوقي بالولاه امير خف الله ما قبلك حدن بعد امه وقلطت بنت الناس كيف يصير خف الله في امك لاتجيك العقوبه ولاتامن الدنيا مداها قصير خف الله واذكر ايتين نسيتهن وهن تراهن للبصر نذير ماقال الله لاتقل لهما اف واجعل لهم منك الولا يسير واخفض جناح الذل لهم بالرحمه وقل ربي ارحمهم ربيت صغير خف الله واذكر حفره مدلهمه يحاسبك فيها منكر ونكير تراك لو غثيتني واغضبتني دعيت عليك بلساني كثير مهوبغض لك فلاشك شرهه عليك والوالد عناه كبير تراك لوحجيت بي فوق راسك ثمانين حجه مابلغت عشير ولاتجازيني عن الطلق ساعه الى قام قلبي من حشاي يطير وصدري يفرض بالسكاكين كنه يهذب بسيف الباتع الشطير ولاعاد في بطني ولاعاد في ظهري ولاظنتي ارجي يعود صغير الاانت واخو لك بزير صغيري مافيه لأمور الرجال بصير مير انني ارجيه يحظى بكبرتي واذوق نفعه قبل ازور الحفير وارجي الذي وداك يرجعك سالم علي فان الله عليه قدير ويرزقك رزق واسع ماحسبته وترد يابني والعدو حقير وصلو على سيد البرايا محمد مالاح برق وما حفر من بير وحين سمع الابن ذلك تنبه لكيد الزوجة لامه وأكب على امه معتذراً باكياً وبرها غاية البر .. والله أعلم. وتقول امرأة مسنة من هوازن، عقها ابنها وساعدته زوجته اللئيمة على المزيد من العقوق لابسة جلد الأفعى متظاهرة بالنعومة وهي مملوءة بالسم والكيد : ربّيته، وهو مثل الفَرخ، أَعظَمُهُ أمُّ الطعام، ترى في جلدِهِ زَغَبا حتى إذا آض كالفحَّالِ، شذّبَهُ أباره، ونفى عن متنه الكَرَبا أنشا يَمَّزق أثوابي يؤدبني أبعد شيبي عندي يبتغي الأدبا؟! إني لأبصرُ في ترجيلِ لمُتّهِ وخطِّ لحيتِه في خَدِّه عَجَبا..! قالتْ له عرُسُه يوماً لتسمعَني : مهلاً فإِن لنا في أُمنَّا أرَبا ولو رأتني في نارٍ مُسَعَّرةٍ ثم استطاعَتْ لزادَتْ فوقَها حَطَبا..! . وحين جُرح (صخر أخو الخنساء) جرحاً بليغاً في معركة، ظل طريحاً عند أمه وزوجته سلمى، فكانت أمه تسهر عليه وتداويه وتلازمه وملته زوجته ، وزاره رجل شامت وسأل عنه أمه فقالت :هو بخير، وعند خروج الرجل قال لسلمى وصخر يسمع: كيف هو ؟ فقالت : لا حيُّ فيُرجى ولا مِّيت فيُنسى ، قال الشامت وهو يشير لها : متى أتزوج منك؟ ضحكت وقالت : عن قريب .. فقال صخر أبياته المشهورة أرى أم صخر ما تجف دموعها وملت سليمى مضجعي ومكاني وما كنت أخشى أن أكون جنازة عليك، ومن يغتر بالحدثان فأي امرئ ساوى بأم حليلة فلا عاش إلا في شقًا وهوان أهم بأمر الحزم لو أستطيعه وقد حِيل بين العيْر والنزوان لعمري لقد أيقظتُ من كان نائمًا وأسمعتُ من كانت له أذنان