كشفت أحدث إحصائية لوزارة التجارة والصناعة عن المصانع المنتجة حتى نهاية 1434ه، عن تكاثف ملحوظ للنشاط الصناعي في المنطقة الوسطى على نحو يجعلها بمنزلة قلب الصناعة في المملكة، استأثرت المنطقة الوسطى بالنصيب الأكبر من المصانع الوطنية «عدداً» وعمالة، فيما جاءت المنطقة الغربية في المركز الثاني من حيث عدد العمالة والثالث من حيث عدد المصانع، وجاءت المنطقة الشرقية في المركز الثالث من حيث حجم العمالة والثاني من حيث عدد المصانع، في حين تصدرت الشرقية من حيث حجم التمويل تلتها المنطقة الغربية ثم الوسطى. وجاءت المنطقة الشمالية في المرتبة الأخيرة من حيث عدد المصانع وحجم عمالتها وحجم التمويل. أما المنطقة الجنوبية فجاءت في المرتبة الرابعة في جميع المعايير من حيث عدد المصانع وحجم عمالتها وحجم التمويل. وأشارت الإحصائية إلى أن المنطقة الوسطى احتلت المرتبة الأولى في عدد المصانع بواقع 3045 مصنعاً بما يشكل ما نسبته 47.8% من إجمالي المصانع المنتجة في المملكة البالغ عددها 6364 مصنعاً. تلتها في ذلك المنطقة الشرقية بواقع 1492 مصنعاً وبنسبة 23.4% من إجمالي المصانع المنتجة، ثم المنطقة الغربية بواقع 1365 مصنعاً وبنسبة 21.4% من إجمالي المصانع المنتجة. ولم يتجاوز عدد المصانع المنتجة في المنطقة الجنوبية 307 مصانع بنسبة 4.8% من إجمالي المصانع، وجاءت المنطقة الشمالية في نهاية القائمة ب 155 مصنعاً وبنسبة 2.4%. وكشفت الإحصائية عن تصدر المنطقة الوسطى سائر المناطق من حيث حجم العمالة التي قدرت بنحو 351 ألفاً و 735 عاملاً، بما يمثل 42.4% من إجمالي العمالة في المصانع المنتجة في المملكة البالغ عددها 828 ألفاً و 51 عاملاً، فيما احتلت المنطقة الشرقية المركز الثاني على مستوى المملكة من حيث العمالة بواقع 213 ألفاً و 697 عاملاً وبنسبة 27.9% من إجمالي العمالة الصناعية في المملكة، فيما جاءت المنطقة الغربية في المرتبة الثالثة من حيث العمالة بواقع 221 ألفاً و 235 عاملاً وبنسبة 26.7% من إجمالي العمالة الصناعية، أما المنطقة الجنوبية فجاءت في المرتبة الرابعة بواقع 27129 عاملاً وبنسبة 3.2% من إجمالي العمالة الصناعية، وجاءت المنطقة الشمالية في نهاية القائمة بواقع 14255 عاملاً وبنسبة 1.7% فقط من إجمالي العمالة الصناعية. وربما أثَّرت طبيعة النشاط الصناعي على حجم التمويل، حيث بلغ حجم تمويل مصانع الشرقية أربعة أضعاف حجمها في المنطقة الوسطى بواقع 531 ملياراً و 643 مليون ريال، وبنسبة 60.8% من إجمالي حجم التمويل الصناعي البالغ 873 ملياراً و 166 مليون ريال. فيما جاءت المنطقة الغربية في المرتبة الثانية من حيث حجم التمويل وبما يقترب من ضعفي تمويل مصانع الرياض بواقع 208 مليارات و350 مليون ريال، وبما يشكل 23.8% من إجمالي التمويل الصناعي، فيما بلغ حجم تمويل مصانع الرياض 112 ملياراً و 598 مليون ريال وبنسبة 12.8% من إجمالي التمويل الصناعي. ولم يتجاوز التمويل الصناعي في المنطقة الجنوبية 12 ملياراً و213 مليون ريال بنسبة 1.3% من إجمالي التمويل الصناعي، وجاءت المنطقة الشمالية في نهاية القائمة بتمويل صناعي بلغ 8 مليارات و 360 مليون ريال تمثل ما نسبته 0.9% من إجمالي التمويل الصناعي. وتكشف الأرقام عن توزيع متناسب للنشاط الصناعي بين المناطق من حيث عدد السكان؛ حيث جاءت المنطقة الغربية في المقدمة من حيث عدد السكان بنسبة 32.1%، تلتها المنطقة الوسطى بنسبة 29.5%، ثم المنطقة الجنوبية بنسبة 15.4%، فالمنطقة الشرقية بنسبة 15.1%، وأخيراً المنطقة الشمالية بنسبة 7.9%. ومن خلال النسب السابقة، أمكن تفهُّم سبب تفوق المنطقة الوسطى من حيث حجم العمالة الصناعية ومن ثم المنطقة الغربية ثم الشرقية. وكذلك تناسبت العمالة الصناعية المنخفضة في الشمال مع عدد السكان الأقل من سائر المناطق. أما ما يفسر التباين الكبير بين المنطقتين الشرقية والجنوبية في حجم العمالة الصناعية (27.09% للأولى، و 3.2% للثانية) رغم التطابق النسبي لعدد السكان في كلتا المنطقتين، فإن مرده إلى طبيعة النشاط الاقتصادي السائد في كلتا المنطقتين، فالمعروف أن الشرقية تميل إلى الصناعة فيما تميل الجنوبية إلى الزراعة، وهو أمر منطقي. وتعكس هذه الأرقام حقيقة مؤكدة، وهي تفوق المنطقة الوسطى «بخاصة الرياض العاصمة» على سائر المناطق الأخرى على صعيد النشاط الصناعي، فيما راوحت المنطقتان الشرقية والغربية على المرتبتين الثانية والثالثة في صناعات مختلفة، بنسبة 92.6% من إجمالي النشاط الصناعي في المملكة، فيما لم تحظَ المنطقتان الجنوبية والشمالية إلا بما نسبته 7.4% فقط من هذا النشاط. واستأثرت المناطق الثلاث «الوسطى والشرقية والغربية» بنحو 97.6% من إجمالي التمويل الصناعي في المملكة، فيما لم يتجاوز هذا التمويل في المنطقتين الجنوبية والشمالية 2.4% فقط. وعلى صعيد العمالة نالت المناطق الثلاث «الوسطى والشرقية والغربية» نسبة 95% من العمالة الصناعية في المملكة، فيما لم تنل المنطقتان الجنوبية والشمالية إلا نسبة 5% من هذه العمالة. وقد أدى هذا التوزيع التلقائي للمصانع إلى استقطاب واضح للصناعة في المناطق الوسطى والشرقية والغربية، وتضاؤله في المنطقتين الجنوبية والشمالية. وهو ما يتناسب مع ضخامة الكثافة السكانية في المناطق الثلاث التي تصل إلى 76.6% من إجمالي سكان المملكة، فيما لا تتجاوز الكثافة السكانية في المنطقتين الجنوبية والشمالية حد 23.4%. لكن لم يُعرف سبب تخصص مناطق معينة في طبيعة النشاط الصناعي، حيث يلاحظ من تحليل البيانات الإحصائية حول المصانع المنتجة في المملكة تركُّز صناعات معينة في مناطق دون غيرها؛ فعلى صعيد الصناعات الغذائية، كان التفوق للمنطقة الوسطى بواقع 305 مصانع من أصل 681 مصنعاً وبنسبة بلغت 44.7% من إجمالي تلك الصناعات على مستوى المملكة، فيما جاءت المنطقة الغربية في المرتبة الثانية بواقع 191 مصنعاً وبنسبة 28%، وتلتها المنطقة الشرقية بواقع 135 مصنعاً وبنسبة 19.8%، تلتها المنطقة الشمالية بواقع 35 مصنعاً وبنسبة 5.1%، وكان أقلها في الجنوب بواقع 15 مصنعاً وبنسبة 2.2%. أما على صعيد مصانع المشروبات، فقد حافظت المنطقة الوسطى أيضاً على الصدارة بواقع 69 مصنعاً من أصل 174 وبنسبة 39.6% من إجمالي تلك المصانع، وجاءت المنطقة الشرقية في المرتبة الثانية بواقع 41 مصنعاً وبنسبة 23.5%، أما المنطقة الغربية فجاءت في المرتبة الثالثة بواقع 38 مصنعاً ونسبة 21.8%، وبلغ عددها في المنطقة الجنوبية 21 مصنعاً، فيما لم تتجاوز تلك المصانع في الشمالية حد الخمسة مصانع. وتفوقت المنطقة الوسطى في صناعات المنسوجات والملبوسات بواقع 99 مصنعاً من أصل 135 وبنسبة 73.3% من إجمالي المصانع العاملة في هذا القطاع البالغ عددها 135 مصنعاً، فيما لم يتجاوز عددها في المنطقة الغربية 41 مصنعاً بنسبة 30.3%، وبلغت في الشرقية 38 بنسبة 28.1%، بينما لم يتجاوز عددها في المنطقة الجنوبية 7 مصانع، وانعدمت تماماً في الشمالية. وعلى صعيد صناعات الأثاث، تفوقت المنطقة الوسطى على نحو ملحوظ، حيث استأثرت بنحو 223 مصنعاً أغلبها في الرياض (209) مصانع من أصل 318 وبنسبة 70.1%، تلتها المنطقة الشرقية بواقع 48 مصنعاً ونسبة 15%، ثم المنطقة الغربية بواقع 33 مصنعاً ونسبة 10.3%. وأبقت المنطقة الوسطى على تفوقها الصناعي «المطلق» على صعيد صناعات المواد والمنتجات الكيماوية (261 مصنعاً بنسبة 42%)، فيما جاءت المنطقة الشرقية في المرتبة الثانية (179 مصنعاً بنسبة 28.8%)، تلتها المنطقة الغربية (152 مصنعاً بنسبة 24.5%). أما صناعات منتجات المعادن اللافلزية فتصدرت المنطقة الوسطى (561 مصنعاً بنسبة 44.3%)، فيما جاءت المنطقة الشرقية في المرتبة الثانية (250 مصنعاً بنسبة 19.7%) تلتها المنطقة الغربية (238 مصنعاً بنسبة 18.8%). وفي منتجات المعادن المشكَّلة، تفوقت المنطقة الوسطى (453 مصنعاً بنسبة 51.4%)، تلتها الشرقية في المرتبة الثانية (225 مصنعاً بنسبة 25.5%)، فيما جاءت الغربية في المرتبة الثالثة (152 مصنعاً بنسبة 17.2%). وفي صناعات المركبات ذات المحركات والمركبات المقطورة ونصف المقطورة تفوقت المنطقة الوسطى (81 مصنعاً بنسبة 56.6%)، وجاءت الشرقية في المرتبة الثانية (36 مصنعاً، بنسبة 25.1%)، تلتها الغربية (24 مصنعاً، بنسبة 12.3%). أما على صعيد صناعات الطباعة واستنساخ وسائط الإعلام المسجلة والحواسيب والمنتجات الإلكترونية والبصرية فقد تفوقت الوسطى (67 مصنعاً بنسبة 58.7%)، فيما تفوقت الشرقية على الغربية (23 مصنعاً، بنسبة 20%)، وجاءت الغربية في المرتبة الثالثة (18 مصنعاً بنسبة 15.7%). وفي صناعات منتجات المطاط واللدائن جاءت الوسطى في المرتبة الأولى (363 مصنعاً بنسبة 45.8% )، تلتها المنطقة الغربية (213 مصنعاً بنسبة 26.7%)، فيما جاءت الشرقية في المرتبة الثالثة (178 مصنعاً بنسبة 22.4% ). وأخيراً على صعيد صناعات المعدات الكهربائية تفوقت الوسطى أيضاً (113 مصنعاً بنسبة 57.9%)، فيما جاءت الغربية في المرتبة الثانية (41 مصنعاً بنسبة 21%)، تلتها الشرقية (40 مصنعاً بنسبة 20.5%). وربما أسهمت المدن الصناعية الجديدة في إيجاد حالة من التوازن في توزيع النشاط الصناعي جغرافياً على نطاقات أكثر ملاءمة لاحتياجات المجتمعات السكانية المختلفة، خاصة بعد أن أكدت الإحصاءات المتاحة تفوق العمالة الأجنبية في المجالات الصناعية المختلفة، من حيث العدد، رغم الزيادة النسبية في القوى العاملة السعودية التي تتقدم بحذر باتجاه القطاع الصناعي. وهي تجربة قد تبدو متعثرة نسبياً في ظل تأخر التنفيذ لتلك المدن، وما تشهده من عقبات يمكن تجاوزها بمزيد من الحلول الأكثر نجاعة.