تُعد اللغة العربية من اللغات الحية، ولاتزال تحتفظ بكثير من الخصائص من حيث قوة اللفظ ورصانة المعنى، ويعود ذلك إلى كونها لغة القرآن الكريم، كلام الله (عز وجل)، الذي أنزله على قلب الرسول الأمين (صلى الله عليه وسلم)، قال تعالى «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» (الحجر: 9). تواجه لغتُنا العربية (لغتنا الأم) كثيراً من التحديات والصراعات، فهي في خطر يداهمها من جميع الجوانب، وأول هذه التحديات الاتهامات بأن اللغة العربية بطيئة في مواكبة التفجر المعرفي وروح العصر، الأمر الذي أدى إلى اعتماد اللغة الأجنبية في مناقشة قضايانا في المحافل والمؤتمرات حتى الذي يُعقد منها على الأرض العربية. كذلك ولوج العامية والعولمة اللغوية، يُعد من التحديات التي تواجه اللغة. وثالث التحديات يتمثل في إحلال بعض الكلمات الأجنبية مكان الكلمات العربية في أحاديثنا اليومية، حيث نرى انتشار ظاهرة التحدث بالعربية مع تضمين الحديث بعض المفردات الأجنبية، وقد يصدر ذلك من أصحاب اللغة أنفسهم بحجة التمدن والعصرية. علينا جميعاً التصدي لهذه التحديات، وأن نُدرك ضرورة التمسك باللغة لتصبح منهجاً وسلوكاً وعدم التساهل بالتحدث باللهجة العامية، خاصة في مجال التربية والتعليم، فالتعليم يتحمَّل جزءاً كبيراً من المسؤولية لطرق تدريس اللغة العربية وآدابها، فضلاً عن عدم إلزام المعلمين والمعلمات بالتحدث بالفصحى الصحيحة، وتساهُلهم في تصويب الأخطاء التي يرتكبها الطلاب والطالبات، فعدم التحفيز للتحدث بالفصحى لعب دوراً مهماً في الضعف اللغوي الذي تعانيه، فالضعف اللغوي يؤدي إلى الضعف الفكري والثقافي، ولقد كان اللحن والخطأ في اللغة شيئاً معيباً يحط من قدر الإنسان في العصور الإسلامية وما تلاها، فقد كانوا يستهجنون الخطأ اللغوي. فلْنوحِّدْ جهودنا ولْنُقِم حملات للتمسك بلغتنا العربية، ويكفينا فخراً أنْ شرَّفها الرحمن فكانت لغة الرسالة والإمتاع، ويكفيها اعتزازاً أن خُصص لها يومٌ يُحتفى فيه بها كعروس اكتست ثوباً قشيباً للاحتفال بها على مستوى العالم.. اليوم العالمي للغة العربية الموافق 18 ديسمبر. وقد قال الشاعر: لغةٌ حباها الله حرفاً خالداً فتضوَّعت عبقاً على الأكوان وتلألأت بالضاد تشمخ عزة وتسيل شهداً في فم الأزمان