يعن الله الغامدي في هذه الأيام تستقبل مدارسنا وجامعاتنا بمراحلها المختلفة شريحة غالية على قلوبنا قد تصل إلى خمسة ملايين من أبنائنا الطلاب والطالبات، وهي فرصة أن نهمس لهم ولمعلميهم ونحن في أول العام الدراسي عن أهمية اللغة العربية الفصيحة، التي نتمنى أن نعظم شأنها ونحفظ مكانتها في نفوسنا ونفوسهم خاصة ونحن في هذه المرحلة الحرجة التي تواجه فيها قصورا في الفهم وضعفا في القدرات؛ لكي نضع أيدينا جميعا على أبرز أسباب ذلك الضعف سواء في قواعد اللغة أو قواعد الإملاء كما يراه الغيورون على لغتنا العربية الذي يرده بعضهم إلى تقليص حصص ومناهج اللغة في جميع المراحل وإلى عدم تخصص وضعف كثيرين من مدرسي هذه اللغة، وخاصة في المرحلة الابتدائية بحيث يرون أن الطالب ينشأ وليس معه إلا رصيد لغوي هزيل قد يصل معه إلى مراحل متقدمة حتى وصل كثير من أبناء مجتمعنا إلى تلك الركاكة وذلك اللحن وإلى الجهل بأبسط أساسيات اللغة على المستويين الشفهي والكتابي، مما جعله يظهر بشكل مؤلم في معظم وسائل الإعلام والإعلان، وفي الكلمات التي يلقيها المسؤولون ومعهم الشعراء والخطباء وكتاب شبكات التواصل، وتعدت ذلك إلى أروقة جامعاتنا وخاصة المتخصصة منها بحجة بعض الأفكار الانهزامية للعاجزين منهم فقط وممن يتهمون تلك اللغة المحصنة بالهرم والشيخوخة تارة وبالصعوبة والتعقيد تارة أخرى. إن لغتنا العربية التي نحرص عليها وننتسب إليها هي اللغة التي كرمها الله على غيرها من اللغات وجعلها لغة القرآن الكريم ولغة أهل الجنة، وإن كنت لا أستطيع في هذه المقالة القصيرة أن أبرز كل أسباب ذلك الضعف المتأصل بدءا من البيت والمدرسة والمجتمع والإعلام؛ إذ لا بد من تضافر كل الجهود والأموال والوقت من الحريصين عليها والناطقين بها وبالذات في مملكتنا المباركة معقل الفصحى بدلا من التباكي عليها وعلى تاريخها العريق بشعارات لا تصل إلى معالجة ولا تحل مشكلة، وإن كنت أرى أن المجال التعليمي هو المحور الأساسي الذي ندندن حوله، وأن تقليص ساعات القرآن الكريم في مدارسنا الذي فيه سر لغتنا يقع في مقدمة تلك المحاور وإلا فمن أتقنه في الغالب قراءة وحفظا صلُح لسانه وقل لحنه وتوسعت مداركه. يقول أبو منصور الثعالبي: (من أحب الله ورسوله أحب القرآن ومن أحب القرآن أحب اللغة العربية). إن لغتنا العربية التي يمر عليها كثير من التحديات تجعلها تتطلب من حراسها الغيورين عليها كشف حساب متكاملاً لأسباب ذلك الضعف والقصور في جميع مجالاتها استماعا وتحدثا وكتابة وقراءة وحفظا وفهما. إن اللغة هي وعاء الفكر ومرآة الحضارة كما هي عنوان الهوية ولغتنا العربية من أكثر اللغات غزارة في التراكيب وتنوعا في المفردات لفظا ومعنى، ولم يشهد التاريخ لغة ذاع صيتها كلغتنا العربية. وللحق فهناك جهود مشكورة كشفت بعض ما تعانيه من قصور أمام زحف العامية لا ننكرها، مع علمنا بأن لغتنا الفصيحة محفوظة مصونة؛ لأن سر جاذبيتها التي سرت فيها وأكسبتها تلك الديمومة وذلك الحفظ من مئات السنين هو في القرآن الكريم. قال تعالى: (إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعكم تعقلون) يوسف (2). ولغة القرآن هي لغتنا الخالدة التي تكفل الله بحفظها في كتابه العزيز؛ فقال عز من قائل: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) الحجر (9).