قُتِلَ 13 شخصاً على الأقل في هجماتٍ متفرقة في العراق أمس استهدف أغلبها مناطق للسنَّة، ما دعا المرجعية السنِّية في البلاد إلى إغلاق مساجدها في بغداد استنكاراً لعدم قدرة الحكومة على وقف استهداف رموزها ومساجدها. وتصاعدت أعمال العنف خلال الأشهر الماضية بشكل متواصل، وأدت إلى مقتل نحو 200 شخص خلال الأسبوع الماضي، الأمر الذي دفع بغداد لطلب دعم من المجتمع الدولي في محاربتها للجماعات المسلحة، قبل أشهر قليلة من موعد إجراء انتخاباتها البرلمانية. كما عبر مسؤولون عراقيون عن قلقهم جراء تصاعد نشاط القاعدة بسبب النزاع في سوريا المجاورة، ما وفَّر للمسلحين شبكات وأوكاراً للتخطيط لتنفيذ عمليات في العراق. وأدت الهجمات التي وقع أغلبها أمس في مناطق سنية في بغداد وحولها إضافة إلى مدينة الموصل «350 كلم شمال بغداد»؛ إلى مقتل 13 شخصاً وإصابة حوالى 25 جريحاً آخرين، وفقاً لمصادر أمنية وطبية. ففي بغداد، قُتِلَ ستة أشخاص على الأقل في هجمات متفرقة استهدف أحدها مسجداً سنياً، فيما قُتِلَ ثلاثة آخرون في «أبو غريب» و«الطارمية»، وكلاهما ذات غالبية سنية. وقُتِلَ أربعة أشخاص، ضابط في الجيش وجندي واثنان من الشرطة، في هجومين منفصلين قرب مدينة الموصل، وفقاً لمصادر أمنية وطبية. وتعد موجة العنف التي تضرب عموم العراق الأسوأ منذ الحرب الطائفية التي ضربت البلاد بين عامي 2006 و 2008. وقُتِلَ أكثر من 400 شخص في أعمال عنف متفرقة في عموم العراق خلال نوفمبر الجاري وفقاً لإحصائية استندت إلى مصادر رسمية. ولقي أكثر من 5800 شخص مصرعهم منذ بداية العام في أعمال عنف، منهم 964 في أكتوبر، الشهر الأكثر دموية منذ أبريل 2008، بحسب أرقام رسمية. ولم تتبنَّ أي جهة مسؤولية الهجمات الأخيرة التي غالباً ما تعلن جماعات ترتبط بتنظيم القاعدة المسؤولية عنها. وبالتزامن مع موجة العنف، أعلنت المرجعية السنية في العراق «المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء للدعوة والإفتاء» غلق المساجد السنية في بغداد وإيقاف الصلاة فيها بدايةً من يوم أمس الجمعة استنكاراً لتعرض رموزها ومساجدها لأعمال عنف وعدم قيام الحكومة بجهود للحد من ذلك. وذكر بيانٌ للمجمع، حصلت «الشرق» على نسخة منه، أن «ما يسمى بالديمقراطية في العراق أفرزت مشروعاً بشكل أو بآخر يرمي إلى تغيير مفاهيم عدة، ويفتح باباً لصراعات وحروب ترمي إلى إقامة دولة طائفية في العراق تستهدف مكوناً بعينه في وجوده وهويته ورموزه ومؤسساته وفي مقدمتها المساجد». واتهم البيان دولة القانون بأنها «تمارس خرقاً للقانون يومياً برفضها الاستجابة للمطالب المشروعة العادلة التي خرج المعتصمون من أجلها، بل وفسح المجال لميليشيات حليفة لتصفية رموز أهل السنة وقادة الحراك، وتحملاً للمسؤولية الشرعية والأخلاقية توجَّه أئمة وخطباء مساجد بغداد إلى المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء للدعوة والإفتاء لمدارسة المستجدات الخطيرة على الساحة العراقية». وأوضح البيان «وبناءً على ذلك يعلن المجمع الفقهي العراقي الآتي: احتجاجاً على استهداف المساجد وأئمتها وروادها تُغلَق مساجد أهل السنة في الصلوات الخمس في بغداد من بعد صلاة الجمعة وحتى إشعار آخر». وفي الرمادي، وصف خطيب صلاة الجمعة الموحدة في ساحة الاعتصام ضد نوري المالكي شمال المدينة التابعة لمحافظة الأنبار الحكومة الحالية ب «حكومة الأزمات والفوضى». وقال الشيخ خالد حسان إن استمرار الفوضى في العراق هو سر بقاء هذه الحكومة حتى الآن. وحول مطالب المعتصمين ضد رئيس الوزراء منذ ديسمبر الماضي، أوضح حسان أن «المعتصمين في الساحات مشهودٌ لهم بالانضباط العالي وبسلميتهم في المطالبة بالحرية والإفراج عن المعتقلين والمعتقلات». واعتبر خطيب الرمادي تغيير الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي مطلب كل الشعب العراقي، وليس المعتصمين فحسب، بالإضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين الأبرياء، مؤكداً أهمية إسقاط أية راية عشائرية أو حزبية أو طائفية والعمل على توحيد الهوية العراقية وبناء بلد موحد قوي بعيد عن التبعية الحزبية أو الطائفية أو التبعية لدول الجوار. وفي الرمادي أيضاً، تظاهرالعشرات من أهالي المدينة أمس مطالبين بإطلاق سراح ضباط سابقين في الجيش العراقي اعتقلتهم قوات التدخل السريع «سوات» الأربعاء الماضي، ودعوا إلى خروج «سوات» من المحافظة ووقف الاعتقالات العشوائية. وقال الشيخ أحمد العسافي، أحد منظمي التظاهرة، إن «العشرات من المتظاهرين خرجوا للمطالبة بإطلاق سراح ضباط في الجيش العراقي السابق من بينهم اللواء الركن أحمد جميل الدليمي، كانت اعتقلتهم قوات (سوات) في منطقة الصوفية». وأفاد أن المتظاهرين قطعوا الطريق الرابط بين الرمادي والفلوجة، مبيِّناً أن الطريق لن يُفتَح إلا بعد إطلاق سراح جميع المعقتلين على يد «سوات».