تكمن قيمة المرء في أخلاقه وإنسانيته، بغض النظر عن مكانته ومنصبه الذي وصل إليه، فالمرء يسمو ويعلو بمقدار فضائله وحسن تهذيبه لنفسه، وإن تجرد منها فعار علينا أن نمجده وأن نرفع من شأنه. سلسلة الأحداث التي حصلت من تحرش بالفتيات، وتهريب فتاة من قبضة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرها من التصرفات المشينة التي ألحقت الضرر بنفسها وبغيرها، لا شك أنها سلوكيات يندى لها الجبين، لكن الممقت حقاً والمصيبة بذاتها ممن عايش تلك الأحداث ووقف عليها دون أن تحرك بداخله ساكناً، ودون أن يكون له أثر فيها بما في ذلك حادثة سوق الجمعة. أيعقل أن معدنهم جميعاً واحد، وأن ما حصل أمر طبيعي ومعتاد عليه!! وكأن ما حصل أمامهم مشهد درامي، يشاهد فقط، يلتقط أبشع الصور غير مبال بالخصوصية، يغطي الحدث بحذافيره، يدون وبدقة ما يحدث ليشكل ضجة إعلامية في مواقع التواصل الاجتماعية وغيرها، وكأنه مكلف بذلك. ألهذا الحال وصلنا؟! ماذا عن أخلاقنا، إنسانيتنا، مبادئنا، عن ضمائرنا؟! ماذا عن قوله تعالى: «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً»؟! أتجردنا من حسنا الإنساني؟! ذلك التبلد والجمود الذي يعتلي أولئك المتجمهرين مقياس لمدى انحدار سلوكياتهم ودخولهم الوضع الخطر لما في ذلك طمس للأخلاق في نفوسهم، وموت ضمائرهم، فيا أسفا لأخلاق قد ذابت، فلا إسلام، ولا مبدأ، ولا شريعة، حركت دواخلهم شيئا من الغيرة. علينا أن نحيي ضمائرنا، وأن نعود لمبادئنا، وأن نتوقف عن الشغف الإعلامي، فمن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، إن لم يكن كفؤا لإحياء نفس أو أمر بمعروف أو إنكار منكر.