ربما نحن اليوم أحوج من أي وقت إلى دراسة أول انتصار للكرة السعودية بكأس آسيا 1984م، وتأثير ذلك الانتصار على الرياضة السعودية، وكيف استمرت الانتصارات بعد ذلك ل12 سنة (1984 إلى 1996م)؟ وما هي أسبابها؟، ولماذا كانت النكسة بعد ذلك؟ وكيف حدثت؟. أولا، دعونا نناقش عملية البناء، وهل البناء لدينا قائم على عملية تراكمية؟، وثانيا علينا الإجابة على أسئلة: كيف كانت مواصفات المسؤول عن الرياضة آنذاك؟ وما مدى ارتفاع مستوى الثقة في النفس، ومستوى ثقافة الفوز التي تنعكس على اللاعبين؟ وما أوجه اختلاف لاعب الأمس عن لاعب اليوم؟. أسباب تلك الانتكاسة، وأنا أقصد الكلمة، لأن ما نشاهده اليوم ليس هبوطا في المستوى، فالهبوط يحدث فترة ثم يعود إلى وضعه الطبيعي، ولكن النكسة تحتاج إلى وقت قد يطول -وذلك يرجع إلى معرفة مكامن الخلل ومعالجتها-، في اعتقادي أن أحد الأسباب هو فقدان ثقافة العمل التراكمي، فكل مسؤول جديد لا يلتفت إلى تجارب من سبقه، ولا يكلف نفسه في بحث التجربة السابقة، وكيف نجحت أو أخفقت، ويظن نفسه هو البطل القادر على إصلاح الحال، نعم كل جيل عنده طموحات وتطلعات، ولكن كيف تتحقق تلك التطلعات دون أن نلتفت إلى تجارب السابقين والاستفادة منها. سبب آخر، انعدام الثقة وثقافة الفوز، فمسؤول الأمس كانت ثقته مرتفعة، وانعكاس ذلك كان واضحا على اللاعبين.. دعونا نعود إلى الذاكرة قليلا إلى عام 1984م، في مباراة المنتخب السعودي مع المنتخب الكويتي، والكل يعرف ما كان يمثل منتخب الكويت في الخليج بل وآسيا في السبعينيات والثمانينيات، فهو بطل الخليج وآسيا في 1980م، وتأهل إلى كأس العالم عام 1982م، في هذه المباراة، عند دخول اللاعبين أرض الملعب كان اللاعب محيسن الجمعان يجاور اللاعب الكويتي سمير سعيد (يرحمه الله)، فما كان من الأخير إلا أن مسح على رأس الجمعان وكأنه يقول له: «بدري عليك وعلى منتخبك الفوز على الكويت»، ولكن محيسن سجل هدفا لا يزال يذكره التاريخ. ألم نسأل أنفسنا كيف كان ذلك؟ وما سببه؟. هذا يعود إلى ثقة المسؤول في الفوز، وثقة المدرب، وبالتالي انعكاس ذلك على اللاعب، الذي كان مختلفا عن لاعب اليوم، والاختلاف بينهما يكمن فقط في الإخلاص إلى الشعار الذي يرتديه دون أن ينتظر شيئا سوى رفع العلم وترديد النشيد الوطني احتفالاً بالفوز.