جددت ابنة المعلم فايز الشنبري والذي قتل على يد مريض نفسيا كان يرقيه في مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم في مكةالمكرمة الأسبوع الماضي، حزن أسرتها ورفضت فكرة تقبل وفاة والدها كونها متعلقة فيه إلى حد أنه لا يرفض لها طلبا من حبه لها، ولازالت سارة «11 عاما» - متمسكة بعودته إلى المنزل، وأكدت ل«عكاظ» بأنها على يقين بأنه سيعود إليها ولا تتخيل أبدا العيش بدونه، وأضافت: أنا الآن في حيرة من أمري فهل أقبل بتوسلات أسرتي التي تؤكد خبر وفاته، أم أظل أنتظر نداء قلبي الذي يؤكد لي بأنه سيعود، فيا الله كم أنا متعبة لفراق «أب عطوف وحنون» .أما إخوتها الصغار فلايزالون يلحون في السؤال عن موعد عودته. بخطوات ثقيلة اتجهنا إلى منزل أسرة المعلم فايز الشنبري ونحن في حيرة من أمرنا وتساؤل كيف هو الحديث مع الأسرة التي فقدت عائلها قتلا أثناء أدائه لمهام عمله في مدرسته، حين وصلنا لمقر سكنهم بدا مدخل منزل الفقيد خاليا من أي حركة تذكر، سوى ولد صغير يلعب في فناء المنزل، سألناه عن عزاء السيدات ليدلنا على مكانه صعدنا الدرج لتستقبلنا هناك زوجته الأولى (ب، د) بكل حفاوة وترحيب وسعة صدر، هناك كانت خطوات الأطفال الذين ظلوا يلعبون وهم لم يستوعبوا بعد رحيل أبيهم كما تقول زوجته الأولى، إلا أنهم لم يتوقفوا عن السؤال عنه طيلة غيابه عن المنزل ويلحون في السؤال عن موعد عودته، ولايزالون في انتظاره، رغم محاولات الأسرة المستمرة لإفهامهم أن والدهم توفي شهيدا وأنه مات ولن يعود إلى المنزل، مرت دقائق قليلة لتأتي إلينا زوجته الثانية (ن ، ه) والدموع تملأ محاجر عينيها وهي تروي قصة فقيدهم الذي كان فراقه صدمة لهم وخبر وفاته فاجعة. وزع صدقة على 150 محتاجا «بدرية» الزوجة الأولى للفقيد فايز الشنبري أكدت ل عكاظ أن زوجها أفنى حياته كلها في التعليم حيث عين في عام 1416ه معلما في محافظة الليث وعمل في سلك التدريس قرابة ال 14 عاما عمل خلالها في الليث لينتقل بعدها إلى جدة وأخيرا انتقل للعمل في مدارس مكة لتحفيظ القرآن فهو من حفظة كتاب الله، يسعى للصلح بين الناس، حريص جدا على الصلاة والعبادة، له باع طويل في الدعوة إلى الله وله أنشطة دعوية، منها توعية الحجيج، يتمتع بذكر حسن بين الناس ويحبه الجميع، وأضافت: أن تصرفاته في آخر أيامه كانت تصرفات مودع لم نستشعرها إلا بعد وفاته، حيث تصدق قبل يومين من وفاته بصدقة كبيرة، وزعها رحمه الله بنفسه ل 150 محتاجا من فقراء الحي، كان حريصا خلال شهر رمضان على ختم القرآن كل خمسة أيام، وكان مثالا للمربي، لم يتخذ عمله في التعليم مهنة بل كرس حياته ليكون مربيا ومعلما يقتدى به في تربية الطلاب، اهتدى كثير من الشباب على يديه، لبساطته وقربه من الناس، يدعو للوسطية وينبذ الغلو والتطرف، حاول كثيرا إنقاذ الشباب من الغلو والإرهاب بالتحاور مع أصحاب الأفكار والمعتقدات الخاطئة, له عشرة من الأبناء هم: (أنس) في المرحلة الثانوية و (محمد) في المرحلة المتوسطة و(عبد الله، وسارة، وريم، ورشا، وشهد) في المرحلة الابتدائية و(جوهرة، وأروى، ومنصور)، أصغر أبنائه عمره سنتان تتذكر زوجته «بدرية» تفاصيل يوم الحادثة حيث تقول: أمسى تلك الليلة في منزلي، وخرج من المنزل لعمله وهو صائم، كعادته في كل صباح أوصل أبناءه لمدارسهم، وطلب مني ومن زوجته الأخرى أن نسامحه في الدنيا والآخرة إذا وقع منه خطأ يوما من الأيام بحقنا، ودائما ما يحرص على أن يجمع أبناءه وزوجاته في منزل واحد، وقبل أسبوعين أوصى ابنه الأكبر «أنس» على إخوته وأخواته وأن يحقق رغباتهم ويحرص على متابعتهم، وتلقيت خبر وفاته عن طريق شقيقي الذي طلب مني الخروج من الجامعة أثناء الدوام الرسمي لأمر هام وعقب وصولي المنزل أخبرني بالفاجعة التي زلزلت كياني خصوصا حين علمت بأنه قتل أمام نظرات أبنائه (أنس ومحمد) وتكشف «بدرية» تفاصيل قصة رسالتها الجامعية التي كان من المقرر عليها مناقشتها يوم الأحد المقبل، حيث تقول: كان زوجي فرحا وينتظر هذا اليوم ودائما ما يتمنى لي التوفيق لتحقيق رسالتي الحلم، لا أنسى وقوفه إلى جانبي ومساعدتي في اختيار عنوان رسالتي في «التفسير» كان يطلب مني أن أقرأ بعض المسائل في التفسير وكان يقرأ معي ويناقشني فيها، وتضيف وهي تذرف الدموع على فراقه كونه لن يكون متواجدا في مناقشتها لرسالة الدكتوراه رغم أنه كان حريصا على حضور المناقشة حتى أنه استعد لذلك اليوم حيث اشترى ملابس جديدة لكي يرتديها يوم المناقشة احتفاء بي، وحزني أنه لن يكون إلى جانبي في اليوم الذي كنت أنتظره طويلا وذرفت الدموع ولم تستطع إكمال تفاصيل حياتها الزوجية التي وصفتها بالهانئة. لا أعداء لكافل الأيتام والأرامل عندها التقطت «عزيزة» زوجته الثانية زمام الحديث مؤكدة أن زوجها لم يخبرهم قط بعلاقته مع القاتل، ورفضت أن يكون لأبي أنس أي عداء مع أي أحد فهو بسيط، بعيد عن التكلف أو الاستعلاء على الآخرين ويسعى للإصلاح بين الناس، ومن المستحيل أن يكون هناك بينه وبين أي أحد عداوة ، فهو متسامح ورجل دين ورجل صلاح، كافل لعدد كبير من الأيتام والأرامل، منذ أن تزوجني لم يأت يوما وهو في خصام مع أحد، وأضافت: ان ابنه الأكبر أنس سمع والده في ذلك اليوم يقول «أسأل الله الشهادة في مكة» واسال الله أن يتقبله في عداد الشهداء، مشيرة إلى أن زوجها كان ينوي عصر ذلك اليوم الذي شهد مقتله الذهاب إلى الطائف للصلح بين متنازعين، وأردفت: كان بارا جدا بوالده مطيعا لدرجة أنه كان يعتذر من أصحابه لكي يلبي طلبات والده في الجلوس والحديث معه. ودعت الوزارة إلى ضرورة الإبقاء على راتب زوجها كاملا كونه توفي أثناء أدائه لمهام علمه، لتستعين أسرته الكبيرة بالراتب في تربية أبنائه.