قالت مصادر أميركية، إن سليمان أبو الغيث، المتحدث باسم تنظيم القاعدة وصهر مؤسسها أسامة بن لادن، كشف عن معلومات كثيرة عن علاقة «القاعدة» بإيران، حيث كان قد عاش قبل سفره إلى تركيا، ثم الأردن، حيث اعتقل مؤخرا ونقل إلى نيويورك، حيث ينتظر المحاكمة. وقالت المصادر ل«واشنطن بوست» إن أبو الغيث كشف عن أن عداء إيران له ول«القاعدة» لم يكن واضحا في البداية، وإن الإيرانيين أكرموه وساعدوه، لكنهم بدأوا مضايقات بعد زيادة التوتر في العراق بين الشيعة والسنة، ثم انحياز إيران مع لصالح نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وإن عداء الإيرانيين ل«القاعدة» له صلة بالعلاقات المتوترة بين السنة والشيعة، ليس فقط داخل إيران، ولكن أيضا في دول المنطقة. وقالت المصادر الأميركية إن معلومات أبو الغيث لا تستند إلى تفسيرات بأن إيران تريد التخلص من «الإرهابيين» لكسب تأييد الولاياتالمتحدة، وتسهيل محاولاتها لرفع العقوبات عنها، ولكن تؤكد المعلومات أن إيران مقدمة على مواجهة طائفية في الداخل وفي المنطقة. وقال أبو الغيث إنه عندما كان في إيران كان أحيانا حرا وأحيانا معتقلا، وأحيانا في حراسة منزلية. وربطت المصادر الأميركية بين طرد أبو الغيث من إيران، وطرد آخرين من قادة تنظيم القاعدة خلال السنة الماضية. في الوقت نفسه، قال خبراء أميركيون إن إيران لا تريد قطع علاقتها نهائيا مع «القاعدة»، وتريد الاستفادة منها في أفغانستان المجاورة، حيث تتوقع إيران أن القوات الأميركية لن تنسحب انسحابا كاملا مع نهاية السنة المقبلة. وقال ديفيد كوهين، مساعد وزير الخزانة لمحاربة الإرهاب، لصحيفة «واشنطن بوست»: «نؤمن بأن إيران تساعد (القاعدة) بنقل رجالها وأسلحتهم وأموالهم إلى أفغانستان، وإلى دول أخرى في جنوب آسيا». وقال إن مساعدة إيران لنظام الرئيس السوري بشار الأسد لها صلة بمواجهة الأسد لمقاتلين إسلاميين، مثل جبهة النصرة، التي قال إنها تتعاون مع «القاعدة»، والتي وضعتها الولاياتالمتحدة في قائمة الإرهاب في نهاية السنة الماضية. وأشار كوهين إلى قرار وزارة الخزانة في السنة الماضية بوضع أسماء سبعة أشخاص في قائمة الإرهاب بسبب أدوارهم في نقل المقاتلين والأموال والأسلحة إلى باكستانوأفغانستان. وقال إن هذه «الأنابيب الإرهابية الإيرانية» ليست مثل شبكات تجارة المخدرات وتهريب الأموال والناس، لكنها شبكة تدعمها الحكومة الإيرانية. وقال: «يعمل رجال (القاعدة) حسب اتفاقية مع الحكومة الإيرانية». وقال بروس رايدال، خبير إرهاب في إدارة الرئيس باراك أوباما، وكان عمل في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، إن الوثائق التي عثر عليها في منزل أسامة بن لادن بعد قتله أوضحت علاقة تعاون وشك في نفس الوقت، تعاون ضد الولاياتالمتحدة، وشك بسبب الخلافات العقائدية بين الشيعة والسنة. وأضاف رايدال: «هذه شراكة تبادل منافع، فيها توترات». وأشار رايدال إلى وثيقة بخط يد بن لادن فيها: «تجب عدم الثقة في الإيرانيين.. ربما سيضعون أجهزة تنصت». هذه إشارة إلى موافقة إيران على نقل أعضاء من عائلة بن لادن إلى باكستان، وخوف بن لادن من أن إيران ستواصل التجسس عليهم رغم أنها قررت إرسالهم إلى باكستان. وقال رايدال إنه لا توجد وثائق تؤكد دعم إيران لعمليات «القاعدة» ضد الدول الغربية، لكن «تريد إيران التحالف مع الشيطان ضدنا». وأضاف: «يمكن تصور تحالف سري يساعد فيه الإيرانيون، في حذر كبير (القاعدة) للهجوم علينا ما دام الهجوم منسوبا فقط إلى (القاعدة)، من دون أن يترك الإيرانيون بصماتهم على الهجوم». وأضاف: «تقدر إيران على فعل أشياء كثيرة بالتعاون مع أفراد، وتسهيل إقاماتهم وأسفارهم». وأشار رايدال إلى أن «خط الأنابيب الإرهابي الإيراني» ليس فقط من إيران إلى أفغانستانوباكستان، ولكن أيضا إلى دول في الخليج. ويشمل استعمال «مسهلين»، على نقاط بعد نقاط، ينقلون الناس والمال والمتفجرات. وقال دان بايمان، خبير الإرهاب في معهد بروكنغز في واشنطن، إن طريقة وتوقيت طرد إيران لأبو الغيث يوضحان أن إيران تعمدت ذلك كجزء من سياستها الجديدة بدعم الأنظمة والمنظمات الشيعية في مواجهة ما تراه إيران عداء سنيا متزايدا، خاصة بعد «ربيع العرب» في دول سنية. وأضاف بايمان: «لم ترسله إلى باكستان، أرسلته في الاتجاه المعاكس»، إلى تركيا، التي لها علاقة قوية جدا مع الولاياتالمتحدة، عكس باكستان التي ربما كانت سترحب بأبو الغيث. وقال بايمان إن حكومة الكويت رحبت في البداية بقبول أبو الغيث، ولهذا وافقت إيران على خروجه، غير أن حكومة الكويت غيرت رأيها في وقت لاحق، فأرسلته إيران إلى تركيا، كما أن تركيا نفسها وافقت في البداية على قبوله، ثم قررت التخلص منه. وسهلت سفره إلى الكويت عن طريق الأردن، حيث كان جواسيس أميركيون في انتظاره. وبالتعاون مع الاستخبارات الأردنية، اعتقلوه، ونقلوه إلى نيويورك، حيث ينتظر المحاكمة.