قد لايصدق البعض إمكانية تجرد الأب من إنسانيته واعتدائه على ابنته، فهو أمر شاذ عن الفطرة والدين، خاصة وأن الفتيات المعتدى عليهن يتكتمن عن الإفصاح بذلك خوفا من نظرة المجتمع لهن، فيتوجهن إلى الكتابة على المواقع الإلكترونية بأسماء مستعارة، لعلهن يجدن من يمد يد العون لهن، وقد يقعن أثناء ذلك في شباك شباب دوافعم سيئة، دون أن يجدن من يحميهن. و بحسب الشرق التي فتحت هذه القضية الشائكة والتقت بعدد من الفتيات اللاتي تعرضن للتحرش من قبل محارمهن. اتهام بالجنون: وتبين إحدى الفتيات أن والدها يعتدي عليها دائما، وتقول للصحيفة أمي مطلقة، ورغم أن أبي متزوج من أخرى إلا أنه اعتدى عليّ حين كنت في عمر ال14، وكنت لا أعرف ماذا أفعل بسبب صغر سني، وما زال يمارس هذه الأفعال حتى الآن بحقي، رغم أني قد بلغت الثلاثين عاما، وهو ليس بأب إنما هو وحش لا يحس ولا يرحم، عشت عمري تحت رحمته وتهديده، فهو يرفض خروجي من المنزل حتى يتحرش بي، ويتحجج لزوجته بأنه لا يريد أن أتعود على كثرة الخروج، وأحيانا يأخذني خارج المنزل بالضغط ليفعل الفاحشة”. وأضافت ” تعبت كثيراً منه وحاولت الفرار ولكني تراجعت، فأين سأذهب؟، فلو تكلمت من سيصدقني ومن سيقف إلى جانبي وفي كل حال هو والدي وله سلطة علي”، مبينة أنها وصلت لهيئة حقوق الإنسان وشرحت قصتها هناك. وأوضحت “هيئة حقوق الإنسان وقفت إلى جانبي- وفق الله أعضاءها- وتم أخذي إليها، ورفعت دعوى ضد والدي بمساعدتها ولكنه أنكر كل شيء وأتهمني بالجنون، ولكن القاضي أصدر حكما ينص على أن لا أكون تحت ولايته وتخلصت منه. ملابس خاصة: وتقول فتاة أخرى : أبي ليس مريضا نفسيا ولا يعاني من شيء، فهو موظف ومتعلم وكل من يراه يقول إنه إنسان طبيعي، ومع هذا يتحرش بي ويحضر لي ملابس خاصة لألبسها أمامه، وقد بدأ بالتحرش بي وأنا في سن التاسعة، ما أدى لضياعي وضياع مستقبلي، وبعد ذلك زوّجني حيث أخترع كذبة وقالها لزوجي كي يرتبط بي، وهي أني قد أخطأت مع شاب، طالبا منه أن يسترني، وما لبثت أياما حتى تطلقت”. تحرش بي خالي: واستطاعت فتاة أخرى أن تحمي نفسها من تحرش خالها بها، ووضحت” الحمد لله لم أضعف أمام تهديد خالي، فقد كان يطلب مني الجلوس معه في مجلس الرجال حين يقوم بزيارتنا، ورغم أني كنت أخاف منه ومن تهديداته إلا أني حاولت حماية نفسي، بالتهرب منه دائماً، فكنت أتعمد الخروج من المنزل عند مجيئه إلينا، إلا أنه كان يأتي أحيانا بصورة مفاجئة دون أن يخبرنا، حينها كنت أتجاهل نظراته القوية لي ولا أجلس معه، كما لا أبين له خوفي منه نهائيا، حتى بت أكرهه”، وأضافت” حاول التحرش بي عدة مرات، ولكني كنت قوية جداً، رغم أن الخوف كان يقطع قلبي، ثم قررت وضع حد له، فذهبت وصارحت عمتي بالموضوع كونها قريبة مني جداً وبدورها تكلمت مع خالي وهددته بأنها ستخبر والدي إذا ما تعرض لي”. مدمنون على المخدرات: وذكر المختص الاجتماعي مدير الحماية الاجتماعية في حائل فهد العتيبي أن أغلب المتحرشين بمحارمهم هم من المدمنين على المخدرات أو من المرضى النفسيين، لأن من يتحرش بمحارمه يستحيل أن يكون إنسانا طبيعيا، بل هو شاذ جنسيا، ويستغل بسهولة اختلاءه بالفتاة، مبينا أن التعامل في مثل هذه القضايا يتم بسرية تامة لحساسيتها، كما أن الفتاة تتأثر ويزداد خوفها وقلقها لو علم أحد بأمرها. وأضاف العتيبي” نحاول أن نعالج القضية في بداية الأمر باستدعاء المتحرش أياً كانت صلته بالفتاة، ونعمل على نصحه، فيصدم ويسألنا: من قال لكم ؟، وهو على يقين بأن الموضوع لم يخرج إلا من المعتدى عليها، لذلك يصمت ويخاف من العقاب، وبعضهم يهدد الفتاة بعد عودته، فنتواصل بطريقتنا الخاصة مع الفتاة كي تصمد أمامه، وأكثر ما يُضعفها أمام المُتحرش بها هو تهديده، خاصة إذا كان من ذوي سلطة عليها. إسقاط الولاية: وأكد العتيبي أنه في حين كرر المتحرش فعلته ترفع عليه قضية ليأخذ عقابه، فإذا كان وليا على المعتدى عليها تسقط ولايته بحكم من المحكمة، هذا في حال أنكر ما نُسب إليه، ويأخذ بحقه حكم شرعي لو اعترف، منوها أن هذه المسائل تحتاج إلى دراسة وتحقيق وجلسات نفسية وأمور عدة، وأضاف” سنقوم قريباً بحملات لتوجيه الفتيات بمسألة تحرش المحارم، كي نستطيع السيطرة على القضية من بدايتها، وأشار العتيبي إلى أن الرقم الخاص بالحماية الاجتماعية لتلقي البلاغات هو 1919.