ينظر بعض أفراد المجتمع ل»المرأة المغتصَبة» نظرة دونية، وكأنها صاحبة الخيار فيما تعرضت له، حتى أقرب الناس يتمنون لها الموت ليذهب عارها معها، بينما يتقبل ذات المجتمع «الرجل المغتصِب»، بل وينظرون له نظرة رحمة، وأن خطيئته نزوة شيطان وأنه شخص يمكن تقويمه وإعادة تأهيله، ليكون إنساناً جديداً يبني نفسه على أنقاض «المرأة المسكينة». «الرياض» التقت عدداً من «الفتيات المغتصبات»، -وهي الفكرة الجديدة في طرح الموضوع-، وسألتهن عن تجربتهن المؤلمة وما يتعرضن له في حياتهن بعد الحادثة، واكتفت في سرد قصصهن على «رموز» أسمائهن، مع تسجيل كل ما تحدثن به، كما تستدرك «الرياض» أن حالات الاغتصاب لم تبلغ الظاهرة في المجتمع، ولكنها تطرح هذه القضية طمعاً في وعي أفراد المجتمع من خطورتها، وتأكيداً على أهمية التعامل معها، والحد من آثارها النفسية والاجتماعية، ومعرفة أن العقاب سيطول كل من تجاوز على شرف الأبرياء. لم تُجدِ توسلاتي تتحدث "ع.ص" عن مأساتها، وتقول: كنت خارجة من المنزل لزيارة إحدى قريباتي التي يبعد منزلها بضع مترات عن منزلنا، وأثناء سيري توقفت أمامي سيارة فيها ثلاثة شبان، ضربوني واقتادوني عنوة معهم في المركبة، وذهبوا بي إلى إحدى المزارع، وهناك تناوبوا على اغتصابي دون رحمة، ولم تجد توسلاتي معهم، مضيفةً: رموني بعدها في طريق مهجور، لينقذني أحد المارة، مشيرةً إلى أنه مضى على هذه الحادثة أكثر من أربع سنوات تقريباً، ومازالت آثارها كما لو حدثت الآن، فالناس مازلوا يلازمونني بنظرتهم الممزوجة بين العطف والشك والبراءة وتحمل المسؤولية. تحت التراب أما "ف.أ" التي تعرضت لحادث اغتصاب مماثل أثناء عودتها من المدرسة، فتقول: إلى الآن لا أستطيع الاندماج مع أهلي والمجتمع من جديد، فأهلي ينظرون إلي وكأني عارٌ عليهم، يتمنون لو أُدفن تحت التراب، بل أشعر أنهم فقدوا ثقتهم بي، لدرجة منعي من الخروج من المنزل وحتى مواصلة دراستي. وحش آدمي وتوضح "ل.ن" أنها منذ تعرضها للحادث وهي تموت أكثر من ألف مرة في اليوم الواحد، بل تشعر أنها مجرمة في حق نفسها وأهلها، لمجرد أنها فتاة تعرضت للاغتصاب، فالناس لا ترحم وأكثرت علي الأقاويل، مشيرة إلى أنه حتى الآن لم يتقدم لخطبتها أحد، فهم يروني أنني مذنبة، أما "الوحش الآدمي" الذي قتلني فمن المؤكد انه ينعم بحياته دون أدنى شعور بالذنب لما فعله. مرحلة الموت ويبدو أن "غ.ب" مأساتها كبيرة، حيث أُختطفت من قبل عدة أشخاص واحتجزت لديهم عدة أيام، يتراوحون على اغتصابها حتى وصلت لمرحلة الموت، ليرموا بها بالقرب من أحد المستشفيات، ليكتب الله لها حياةً جديدة، مضيفةً: "ليتهم لم ينقذوني.. ليتهم تركوني أموت، فأنا جسد بلا روح، فبالرغم من العذاب الذي تعرضت له والألم الجسدي والنفسي، تحدثوا أنني قد هربت من منزلي مع أحدهم، حملوني الذنب ونسوا الوحوش المجرمين"، مرددةً: "حسبي الله ونعم الوكيل". أبشع الجرائم وتعد "د.عواطف الظفر" عميدة كلية التربية للبنات بمحافظة الأحساء للأقسام الأدبية جريمة الاغتصاب من أبشع الجرائم التي تتعرض لها الأنثى، والتي تتسم بأقصى درجات العنف المتجه نحو المرأة، وقالت: هي لا تقتصر على مجتمع معين لا سيما عند المقارنة بين المجتمعات الغربية والعربية، فهذا النوع من الجريمة نجده في جميع المجتمعات، يزداد في مجتمع ويقل في آخر طبقاً للظروف الاجتماعية والدينية في كل بلد، موضحة أن إحدى الدراسات في الوطن العربي أشارت إلى تزايد ملحوظ في عمليات اغتصاب الإناث خلال الفترة الأخيرة، بل إن الأمر الأشد سوءاً هو بروز ظاهرة اغتصاب المحارم والأطفال غير البالغين، مشيرة إلى أن جريمة الاغتصاب أو الإكراه على الزنا تلقي بظلالها على المرأة المغتصبة وعلى ذويها والمجتمع كاملاً، وهناك العديد من المشاكل التي قد تحدث بعد جريمة الاغتصاب ومنها تمزق غشاء البكارة والحمل والإجهاض، بالإضافة إلى قتل المواليد والأمراض المنقولة جنسياً. استعمال القوة واستشهد "د.صالح الحربي" استشاري متخصص في طب الأسرة والمجتمع، بقوله تعالى "ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن"، وقال: تتعرض المرأة إلى صور عديدة من العنف ضدها تؤثر في حياتها وصحتها ومستقبلها كضحية للعنف، حيث يعتبر الاغتصاب أحد أنواع العنف الموجه للمرأة والذي ازداد في العقود الأخيرة في كل أقطار العالم، بل وأصبح مشكلة صحية واجتماعية ونفسية تؤثر في الأمن وفي السلوك الاجتماعي، معرفاً الاغتصاب بأنه "استعمال القوة تهديداً أو تنفيذاً ضد المرأة، وهو مشكلة ذات أبعاد نفسية واجتماعية خطيرة على المرأة والمجتمع الذي تعيش فيه، وقد تترك آثار ونتائج سلبية على كافة المجالات الأخلاقية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية". صدمة مدى الحياة وشدد "د.الحربي" أنه يجب ألا ننسى أن الصدمة النفسية والعصبية الناتجة عن الاغتصاب ستبقى مدى الحياة، حيث لا يمكن للمغتصبة أن تنساها إطلاقاً، وهنا يبرز السؤال: هل تحتاج المغتصبة إلى تأهيل نفسي واجتماعي؟، والإجابة: نعم؛ لأن صدمة الاغتصاب تعمل على عدم التكيف النفسي والاجتماعي للمغتصبة، لهذا فإن تأهيلها نفسياً واجتماعياً يعني مساعدتها وتمكينها من استعادة تكيفها من جديد إلى أن تحقق التكيف السوي مع ذاتها وأسرتها ومجتمعها، ولا شك أن النساء ضحايا الاغتصاب يعانين من الآثار السلبية لمثل هذه الجرائم على صحتهن الجسدية والذهنية والنفسية، خاصةً وأنه دائماً ما يقع اللوم عليهن مما يضطرهن إلى إخفاء تجاربهن الشخصية السيئة، وهذا يعرضهن لضغوط نفسية قد تصل إلى حد التخلص من الحياة، موضحاً أن تعرض امرأة لمثل هذه التجربة قد يدفعها إلى العديد من السلوكيات الصحية والاجتماعية التي تؤثر سلباً على تمتعها بحياتها، وفي أغلب الحالات لا يمكن التدخل لمنع حدوث مثل هذه النتائج، بسبب العامل الاجتماعي الثقافي الذي يحدد مكانة وحجم مشاركة المرأة في المجتمع، لافتاً إلى أنّ النساء يعتبرن الطرف الأضعف في المجتمع، ولذلك يقع الأثر السلبي عليهنّ بالدرجة الأولى والأكبر. رقابة وقائية أما "م.سلمان الحجي" عضو المجلس البلدي في محافظة الأحساء وعضو هيئة التدريس في الكلية التقنية هناك، فيرى أن يبذل الوالدان قصارى جهدهما في تربية الأولاد التربية الصالحة، حيث تقع عليهم مسؤولية كبيرة من ناحية ردع مثل تلك السلوكيات الشاذة قبل وقوعها، كرقابة وقائية إن أمكن، بل حتى بعد وقوع تلك الجرائم ينبغي أن يتم التعامل مع الضحية بأسلوب يتفق مع المبادئ الإسلامية، حتى نسهم في خلق أجواء التأقلم، وهو ما يحتاج لبث الوعي عبر البوابات الإعلامية والتربوية، وإلا الخشية من مضاعفة الجروح وتعاظم المشكلة، والانتقام من المجتمع الذي لا يرى من الواقع إلا الجانب الأسود، بالإضافة إلى الحد من الانتشار الإعلامي لتفاصيل القضية بطريقة لا يتم التعرف على أركانها، كذلك تنفيذ حد العقوبات بحق الجناة، وتقع مسؤولية بالمعنيين بحقوق الإنسان في توسع قاعدة التحسس لتلك الأمراض الاجتماعية، مع توفير خطوط تواصل سهلة تسهم في الإبلاغ عن تلك الانحرافات للحد منها قبل وقوعها، أو الاكتشاف السريع لها والتعامل معها بطريقة علاجية أكثر من تسويقية. «الرجال ناقل عيبه!» ويقول الشيخ "د.خالد الحليبي" مدير مركز التنمية الأسرية في الأحساء وعضو في النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية: لا أظن أن القضية مقصورة في حالات الاغتصاب فحسب، بل هي كذلك في كل حالات الزنا، فطرف المرأة يكون موجعاً أكثر، باعتبارات اجتماعية وجسدية، فالمرأة تفتقد عنوان عفتها ودليل طهارتها، وهنا تكون الكارثة التي لا تمحى من ذاكرتها، ولا من جسدها، وتبقى مهددة ليس من أهلها فقط، وإنما من المستقبل كذلك، فقد تكتشف من أول مقاربة مع الزوج، ولذلك فقد تُعزِف عن الزواج تماماً، وقد تصاب باكتئاب وأمراض نفسية عديدة، جراء النظرة المترقبة لها لو أُكتشف أمرها، وهي تعد في العرف الاجتماعي عرض أهلها وأسرتها كلها، فإذا مُست فقد مست كرامة القبيلة والعائلة والأبوين والإخوة، فإذا علموا انتقموا منها، لأنها فرطت في شيء لهم وليس لها. واضاف: الحقيقة أن الزنا جريمة في حق الله تعالى، قبل أن تكون جريمة في حق الأسرة، وأن النظرة التي تجرم المرأة وتبرئ الرجل نظرة جاهلية، فالمجرم منهما من تعمدها، فلو كانت المرأة مغتصبة، أي غير راضية، ودافعت عن نفسها بكل وسيلة متاحة، ثم غلبت على ضعفها، حينها لا يجوز معاقبتها، بل هي ضحية يجب أن تأخذ حقها من المساندة والعلاج والحنان والرحمة، وأما إذا كانت المرأة متعمدة وراضية فهي زانية وتستحق العقوبة، ولكن ليس بأيدي أهلها، وإنما بحكم القاضي الشرعي، والستر في هذه القضايا أولى، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، مشيراً إلى أن من أبرز أسباب انحراف المرأة سوء العشرة معها فتاةً أو زوجة، وعدم منحها الحب الذي تحتاجه، والحنان الذي تتوق إليه، مما يجعلها تتطلع إلى شخص خارج دائرة بيتها، قد يكون السبب في التعلق به أنه يستمع إليها فقط، أو يقول لها كلمة "أحبك" ولو كاذباً، وهي تعلم بأنه كاذب، ولكنها محتاجة للاستماع إلى هذه الكلمة، ومع هذا كله، فإن الفتاة والمرأة مجرمة حين تندفع إلى عقد علاقات محرمة، أو تستجيب لها، فالأسباب لا تبرر الجريمة، وإلا وقع في الأرض فتنة وفساد عريض، مؤكداً على أن الرجل المذنب لن يفلت من عذاب الخالق بمقتضى عدله، حتى وإن أفلت من لوم المجتمع وعقابه، وإن تجاوز المجتمع عن الرجل ليس إلا تواطؤ من الرجال بعضهم لبعض، وانتشار ثقافة تقول: "الرجال ناقل عيبه"، وهكذا يتحول الخطأ إلى ثقافة، فتكون الخطورة في تثبيت الخطأ في النظام الاجتماعي السائد، فتتوارثه الأجيال. ويوضح الشيخ "يوسف الربي" إمام وخطيب جامع بالهفوف، أن المرأة المغتصبة هي فعلاً ضحية وليس لها أي ذنب فيما ارتكب في حقها وعفتها وطهارتها، مؤكداً على أن نسب الاغتصاب قليلة جداً في مجتمعنا، والسبب يرجع إلى الحشمة والالتزام بالحجاب الشرعي، وعدم التبرج وقلة الاختلاط بالرجال، مرجعاً أسباب حدوثه إلى إهمال ولي الأمر وعدم حفظه لبناته واختلاطهم بالسائقين وما شابه ذلك، والله أسأل أن يحفظ عورات المسلمين. سليمة ومصانة ويرى"عبد المنعم الحسين" مدير التطوير الإداري بتعليم البنات بمحافظة الاحساء ومدير النشاط بالندوة الإسلامية، أنه بالنسبة للمرأة في مجتمعنا المحلي والخليجي والعربي فإنها تتعرض لحالات متدرجة من المعاكسات ثم بالتحرش الجنسي ثم ترتقي الحالة للاغتصاب، وأحياناً يصاحب معه نوع امتهان أو ضرر جسدي أو قتل، وأحياناً قتل وتخريب موسع لأكثر من حالة، بل وأحياناً يكون الضرر أكثر، حيث يتوسع الجرم إلى |أنه متكرر، أو أن المغتصب واحد من المقربين، أو غير المتوقع وقوع الاغتصاب منهم مثل الأخ أو الأب أو الجار، لافتاً إلى أنه مصيبة كبيرة تقع على المرأة ولا أظنها تسعى أو يخطر ببالها أن مصيرها سيكون مثل الوضع الاغتصابي ثم تخطط له أو تيسر لمغتصبها أسباب الجريمة، فعليه ومن نفس الزاوية نتحدث هل المرأة متهمة أو يقع عليها الاتهام؟، لا وألف لا مهما كانت المرأة متنازلة أو متهاونة في ملبسها أو تكسرها كل الأمور السابقة لا تبرر للمغتصب جريمته مهما كان الإغواء، والدليل أن في المجتمع الغربي تشاهد بعض ممثلات الأفلام التي يتوقع منها أنها تكون امرأة ساقطة، بل أيضاً المرأة اللعوب أو بنت الليل التي تمتهن المهنة، ولكن لا يبرر لشخص ما أن يوقع عليها الاغتصاب، وكثير من الناس المارين والمخالطين لها لا يفكرون في شيء من الجريمة، مؤكداً على أن الشخص المغتصب يعد مريضاً ومجرماً مهما كانت الأمور مغرية بالنسبة له ومهيجة كما يدعي، بل هو ميسر لشيء من الجريمة عطفاً على ما تناولته من حديث بالنسبة للغرب، فالوضع بالنسبة لنا يجب أن يكون مشابهاً لما هناك كصفة من صفات التحضر، وأن المرأة سليمة ومصانة في الأساس، والدين كفل لها حقوقها وسترها والشرع والقانون والمجتمع، لكن ما يقع من جرائم اغتصاب فمهما كانت المرأة فإنها تتحمل جزءاً يسيراً جداً من المشكلة، والمصيبة والوزر الأعظم على المجرم المغتصب، حيث يجب أن يحاسب ويحاكم وينال جزاءه، نعم من الممكن أن يفصل في الحكم والعقوبة، حيث كلما ارتفعت المبررات خف الحكم عليه، لكن في النهاية هو مجرم يستحق العقوبة التي ينالها وإن كانت مخففة عليه ونالها، فإنه بعدها يعامل كمعاملة إنسان يعطى الفرصة ليكون فرداً صالحاً في المجتمع، وينسى عنه تاريخه ويفضل أن تغير بيئته التي يعيش فيها حفاظاً على سلامته ولإعطائه فرصة للتغيير، لكن مرة أخرى المرأة ضحية مهما خالفت. خطيئة كبرى وقال "د.سليمان الصبي" الأمين العام للجمعية الخيرية لمكافحة التدخين "نقاء": قبل أن نجيب على هذا السؤال يجب أن نقرر حقيقة وهي أن الإسلام لم يفرق بيننا نحن معشر الرجال والنساء في الأحكام الشرعية والخطاب الدعوي، فكما أن الإسلام رجم "ماعز" ذلك الصحابي الذي زنا بامرأة رجم كذلك المرأة التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهي تطلب منه أن يطهرها من الإثم الذي ارتكبته وهو الزنا، إذن لم يفرق الشرع بينهما، بل تم تطبيق الأحكام عليهما سواءً بسواء، وقد قصدت من هذا المدخل تقرير أن العادات والتقاليد التي يمارسها المجتمع لا تعني بالضرورة أن تكون دين وحقيقة يجب التسليم بها، وفي اعتقادي أن معاقبة المرأة دون الرجل ليس من العدل في شئ، وكلاهما مخطئ ولا بد أن يجري فيهما الحكم الشرعي الخاص بهذه الجريمة، ولعل الأسباب التي تجعل المجتمع يحمل على المرأة دون الرجل؛ يعود إلى أن آثار الجريمة تظهر في المرأة أكثر من الرجل فما يخرج من أحشائها يدل على ما اقترفته من إثم، صحيح أن المرأة قد ارتكبت خطيئة كبرى في إقامتها لعلاقة محرمة، ولكن لا يعنى ذلك أن أبواب التوبة والرجوع إلى الله قد أغلقت، فكلنا يذكر قصة المرأة التي زنت وجاءت إلى الرسول صلى الله وسلم وهي تائبة فقبل الرسول توبتها وأمر برجمها، فطاش دم من رأسها على خالد بن الوليد فسبَّها على مسمع من النبي، فقال عليه الصلاة والسلام: مهلاً يا خالد "والله لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لَقُبِلت منه"، ولهذا لا ينبغي للمجتمع أن يفرق بين الرجل في هذا الأمر طالما أن الشرع لم يفرق بينهما، ولكن على المجتمع أن يكون حريصاً على محاربة الظواهر السلبية التي تؤدي إلى هذه الجريمة، فلا ينبغي أن يشدد في معاقبة مجرم دون مجرم وهما متساويين في الجرم، وعلى الأسرة والمجتمع وأهل التربية مراقبة سلوك الأبناء وتعديلها إلى السلوك الإيجابي، ونشر القيم الفاضلة التي تدعو إلى الطهر والعفاف ومحاربة ظاهرة خروج النساء متبرجات وهن يتمايلن أمام الرجل في استعراض لجمالهن وزينتهن، مشيراً إلى أنه إذا أرادت المرأة ألا تهان فعليها أن تلتزم بما قرره لها الشرع من قيم فاضلة وسلوك حميد والتزام باللباس الشرعي، والبعد عن مواطن الرجال. تفهم شيئاً وتساءلت الأستاذة "سميرة الموسى" مديرة الإعلام التربوي بتعليم البنات بمحافظة الاحساء: هل كانت المرأة تجهل أنها ربما تقع ضحية لاستغلال هذا الرجل ولهذا تعتبر ضحية؟ أم أنها كانت شريكة للرجل في العلاقة ولكنها لأسباب معينة صارت هي الطرف الخاسر؟، وماذا لو لم تخسر المرأة أو لم تنكشف علاقتها، فهل يبقى وصفها بأنها هي الضحية؟، مؤكدةً على أن وصف المرأة من العلاقة بأنها ضحية ابتزاز الرجل هو وصف غير دقيق؛ لأنه يضع المرأة موضع الشخص الذي لا يفهم من الحياة شيئًا، ويقع فريسة للاستغلال بسهولة، ولهذا فإن الواقع يحتّم وضع المواقف في ظروفها الخاصة، وقراءتها من خلال سياقها وأحداثها الموضوعية، لأن في حالات كثيرة من هذه العلاقات غير المنطقية هي التي تبادر بالتحدث مع الرجل أو ملاحقته، فترمي عليه شباكها حتى إذا علق بها ثم جاء على غير ما تريد أعلنت أنها ضحية، ووجهة النظر أن يتساوى في الذنب الرجل والمرأة في ارتكاب الجريمة وفق معيار النظرة الشرعية. أرقام مخيفة.. الاغتصاب مسؤول عن 11- 20% من «حمل المراهقات» في أمريكا و78% من المغتصبات في أوربا عن طريق معارف لهن..! أوضح «د.صالح الحربي» استشاري متخصص في طب الأسرة والمجتمع أن الاغتصاب مسؤول عن (11 20%) من الحمل لدى المراهقات في أمريكا، ويعمل على زياد الإدمان والأمراض النفسية والانتحار، بل يوجد هناك حالة اغتصاب كل 42 دقيقة في فلوريدا، وأكثر من 13000 حالة تم اغتصابها عام 2000م، كما يبلغ عدد حالات الاغتصاب في الولاياتالمتحدة لعام 2000م أكثر من مائة ألف حالة، كاشفاً عن حدوث 70 حالة اغتصاب لكل مائة ألف امرأة في أوروبا، كما وجد في الدراسة الوطنية لحالة المرأة أن أكثر من (13%) من النساء البالغات تم اغتصابهن من رجال غرباء، وأن (78%) من المغتصبات تم اغتصابهن من معارف لهن، وأكثر من (59%) شعرت بالخوف من الموت أثناء عملية الاغتصاب. وحول العواقب الصحية والنفسية للاغتصاب قال «د.الحربي»: من دراسة العنف ضد المرأة من قبل وزارة العدل الأمريكية اتضح أن هناك إصابات وجروحا وكسورا للعظام ونسبتها حوالي (40%)، وإصابات الأعضاء الداخلية والنزف الداخلي (3%)، والحمل (4.7%)، إلى جانب الأمراض المنقولة جنسياً للمغتصبة ونسبتها (3.6%)، والايدز حالة واحدة لكل خمسمائة ألف حالة اغتصاب، مشيراً إلى أن من العواقب إجهاض في المرأة الحامل المغتصبة، والأمراض العصبية مثل تهيج الأمعاء العصبي، بالإضافة إلى الأمراض النفسية مثل الاكتئاب وفقد الثقة بالنفس، وهناك الانتحار ونسبته (0.1%) من كل الحالات، كما أنه من الممكن أن يقود إلى الاتجاه نحو المخدرات، وتفكك ارتباط المغتصبة بالأسرة والمجتمع.