بات جلياً أن صفقة استئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والصهاينة تقوم على إطلاق سراح 104 أسيراً تجاهلتهم اتفاقية أوسلو 1993، مقابل غض الطرف الفلسطيني عن مواصلة التوسع الاستيطاني فوق الأراضي المحتلة. فهل نفرح نحن الفلسطينيين لتحرير بعض الاسرى الذين مكثوا في السجون الإسرائيلية أكثر من عشرين عاماً، أم نبكي لمواصلة التوسع الاستيطاني، وضياع الأرض؟ سيقول الفلسطينيين: نعم للفرح والسرور حتى ولو تحرر أسير واحد من سجون إسرائيل، وفي الوقت نفسه، نعم للبكاء الحزين أولاً على ألاف الأسرى الذين لم يرد لهم ذكراً قبل استئناف المفاوضات، ولن يخطروا على بال المفاوض في المرحلة القادمة، ونعم للبكاء الموجع ثانياً على الأرض الفلسطينية التي ستتحول بين عشية وضحاها إلى مستوطنات يهودية. فرح الفلسطينيين بتحرير بعض الأسرى سيكون مؤقتاً ومحدوداً، بينما بكاؤهم على ضياع الأرض سيكون أزلياً وشاملاً، لأن كل شبر يتم استيطانه اليوم سيكلف الفلسطينيين والعرب ألاف الشهداء لتحريره في المستقبل، بمعنى آخر، سيدفع الفلسطينيون والعرب في المستقبل القريب أكثر من ألف شهيد مقابل كل أسير يتم تحريره اليوم. على الجانب الآخر من طاولة المفاوضات؛ سيقول اليهود في فلسطين نعم للبكاء الحزين لإطلاق سراح 26 أسيراً دفعة أولى مقابل استئناف المفاوضات، ولكن نعم للفرح العريض؛ لأننا سنواصل التوسع الاستيطاني برضا الفلسطينيين هذه المرة، وتحت غطاء المفاوضات، وما قرار المجلس الأعلى للتخطيط والبناء لإنشاء 878 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات البعيدة عن الكتل الاستيطانية، إلا بالون الاختبار. الرد الفلسطيني على قرار التوسع الاستيطاني جاء على لسان الدكتور صائب عريقات الذي قال: إن الجانب الفلسطيني يدرس حاليا امكانية عدم المشاركة في مسيرة التفاوض المقرر بأن تبدأ بعد غد الاربعاء ردا على استمرار البناء الاستيطاني. إن الدراسة التي يتحدث عنها الدكتور صائب عريقات لتؤكد على عدم وجود موقف فلسطيني ثابت ضد التوسع الاستيطاني، ولو كان القرار في جيب الدكتور صائب عريقات لما احتاج أن، فالدراسة تعني الرجوع إلى السيد عباس. السلطة الفلسطينية أمام الاختبار الدقيق، فاستئناف المفاوضات تحت راية الاستيطان معناه خسارة جولة المفاوضات قبل أن تبدأ، والإحجام عن التفاوض سيعزز مصداقية ما يردده السيد عباس، حين قال يوم أمس: لن نتخلى عن الثوابت الوطنية. سننتظر حتى يوم غد الأربعاء، ونرى مصير الثوابت، وإن غداً لناظره قريب.