أما قبل : إذا المرءُ وافى منزلاً منك قاصدًا *** قراكَ وأرمَتْهُ لديك المسالكُ فكن باسمًا في وجهه مُتهللاً *** وقل مرحبًا أهلاً ويومٌ مباركُ وقدم له ماتستطيع من القِرَى *** عجولاً ولا تبخل بما هو هالِكُ فقد قيل ببيتِ سالفِ مُتقدّمِ *** تداولهُ زيدٌ وعَمرو ومالكُ بشاشةُ وجْه المرء خيرٌ من القِرَى *** فكيف بمن يأتي وهو ضَاحِكُ (1) يقول أحد الأحبة : كان من ضمن برنامجنا التوجه إلى سويسرا بعد قضاء عدة أيام في باريس.. يقول : فتوجهنا برا ومررنا بعدد من القرى \"الرومانسية\" المكمّلة لروعة الطبيعة في الريف الفرنسي.. في الطريق أعجبتنا اللوحات التحذيرية التي تنبهنا أننا نمر بمنطقة يكثر فيها \"الغزلان\" – تخيّل عزيزي القارئ : غزال وكمان فرنسي ! - يقول : كنا نحمل هم \"المنفذ\" وكيف سيعاملنا \"الجيش!\" الذي سنقابله في الجمارك والجوازات.. وكيف سنتعامل مع عصبيتهم وضيق خلقهم.. أصابنا الوجوم ونحن نقترب من المنفذ.. كان صغيرا..! ولكن \"ماأذهلنا\" أننا وجدنا شخصين فقط باللباس العسكري.. ومبتسمان – وهذه لوحدها -.. مر من عندهما سائقنا وأشار لهما بيده : هاي! فردّا – وبابتسامة أكبر - : هاي..سفرا سعيدا..أهلا بكم في سويسرا.. يقول صاحبي : كنت في المقعد الخلفي..فاقتربت من السائق وسألته: وبس؟! قال : وبس! نظرت إلى رفيقيّ وهما ينظران إلى السائق!! قلت : مافتشونا!! قال أحدهما – متمتماً - : ياخي.... ولاّ بلاش خلوا هالمقال يمر! (2) في منافذنا العربية : جهود جبّارة لمنع \"الممنوعات\" من الدخول – ولا أدري لماذا تصبح \"ع الخفيف\" عند الخروج؟! - وهذا شئ مثلج للصدر..ويبعث السرور والطمأنينة على البلد وأهله! ولكن يوجد سبع وسبعين دوخة في المنافذ.. جوازات وجمارك ومطابقة وتفتيش وتدقيق وتمحيص ووسائل وحفرة.. \"وياويلك ياسواد ليلك\" إن \"أخذ\" بخاطره عليك أحد \"الأفراد\" سيتم تفتيش أشياء لا يمكن أن تخطر على بالك!! وسيتم تأخيرك لأيام وليالٍ حتى تكون مألوفا لدى الكلاب البوليسية..ويعتقد المسافرون أنك \"بضاعة فاسدة\"!! (3) المنفذ الحدودي: نبذة مختصرة من ثقافة البلد.. بإمكاننا اختصار الأوراق واللف والدوران والطوابير والمكاتب! وبإمكاننا الابتسامة والبشاشة والتعامل مع \"العابر\" بذوق واحترام وأدب.. بإمكاننا مخالقة الناس بخلق حسن.. فالإرهاق في عملنا : يكشف أخلاقنا! رجال المنافذ العربية – أعانهم الله - يقابلون أصناف شتى من البشر.. وعلى عواتقهم مهمة شاقة.. وعلى \"العابر\" أن يقدِّر طبيعة العمل.. (4) رغم أن \"العرب\" هم أهل إكرام الضيف.. إلا أن السعودي – بالذات- تواجهه حملة مسعورة من \"سوء\" النية! لذا يتعرض دائما لاستفزازات في \"بعض\" المنافذ.. فيتوجب عليه أن يكون ذكائه حاضرا.. وحلمه واسعاً.. لتقديم نموذج رائع للمواطن السعودي الذي لايخضع.. عليه الصبر.. وعدم \"النزول\" لمحاولات ابتزازه واستفزازه! (5) أيعقل أن يتجول \"العربي\" في الغرب بكل حرية بين دولهم.. بينما بين إخوانه وأبناء عمومته \"يتجرع\" المرارة والإهانة والإذلال والابتزاز والوقوف لساعات طويلة تحت نظرات الارتياب!! أنا لا أريده أن يتجول بحدود مفتوحة كالتي بين دول أوروبا..حاشا لله !! أنا أريده أن يشعر أنه دخل إلى بلده الثاني – فعلا – وليس مجرد شعار.. تحت احترام كامل لآدميته! أريد من منفذ أي دولة أن يضع هدية رمزية بسيطة – وردة مثلا – حين يعيد جواز الضيف/ابن العم كنوع من المحبة والمودة والترحيب والضيافة!! هل يبدو لكم أن \"لبن العصفور\" أصبح : ممكناً!! (6) \"من يترك نفسه أسير الماضي , يفقد المستقبل\" الملك حسين بن طلال منصور الضبعان كاتب سعودي