تصرمت فعاليات مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره في دورتها السادسة والثلاثين، بعد أن احتضتنها مكةالمكرمة، واحتوتها توسعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ونقلتها وسائل الإعلام إلى كل بلاد الدنيا، في رسالة عنوانها: القرآن يجمع أهل الإسلام، لقد طوت المسابقة صفحتها في سِفْر الأعمال الماجدة، وغربت شمسها في سجل الأيام الخالدة، حيث شدَّ المتسابقون رحالهم، وودعوا بلاد الحرمين ومهبط الوحي، منطلقين إلى بلادهم، بعد أن مكثوا في ضيافة المملكة العربية السعودية أياماً هي الأحق بالذكرى، وأن تُحفظ فلا تُنسى، عاشوا نعيم أداء نُسك العمرة، وانشرحت صدورهم بتلاوة كتاب الله تعالى بين جنبات الحرم المكي الشريف، واكتحلت عيونهم برؤية الكعبة المشرفة، وارتووا من ماء زمزم المبارك، وابتهجت قلوبهم بزيارة المدينةالمنورة، والصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم. لقد عاش أولئك الفتية بين روحانية القرآن، وقداسة المكان، وكرم الضيافة، يخدمهم أبناء هذه البلاد الطاهرة، بروح الأخوة الإسلامية، ومشاعر المحبة الإيمانية، فمع اختلاف البلدان، وتباين الألوان، وتنوع اللغات، إلا أنَّ وحدة الإسلام كفلت الانسجام بين الأرواح، والتناغم بين الأفئدة، فبرزت أجلى صور المحبة في الله، وأسمى مظاهر الألفة والاجتماع على كتاب الله رجع الفتية إلى بلادهم وهم محملون بمشاعر الوفاء لهذه البلاد، وعواطف الحب والولاء، غادرونا ووجوههم تنطق بالشكر قبل ألسنتهم لقائد هذه البلاد وولي أمرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – الذي رعى المسابقة، وأجزل عطاءها، وجعل لها عناية ودعماً يلائم موقعها العالمي، فزيدت جوائزها بما يليق بمكانتها، فشرف مكان إقامتها، وقداسة مناسبتها، تجعلها سامية في النفوس، عالقة في القلوب، تشرئب لها أفئدة المسلمين من كل أصقاع المعمورة، ولم تقتصر الرعاية على زيادة جوائزها فحسب، بل كُرِّم الفائزون بالاستضافة في موسم الحج، لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، وإكمال الدين بذلك النسك العظيم الذي يتطلع إليه كل مسلم على وجه الأرض، وهذا مزيد من تكريم الفائزين بحفظ كتاب الله تعالى، ولا غرو في ذلك، فقادة هذه البلاد المباركة لم يدخروا مالاً ولا جهداً في العناية بكتاب الله تعالى، وتكريم أهله، ويمتد التكريم ويتوالى العطاء لتقديم منح دراسية في الجامعة الإسلامية بمدينة المصطفى عليه الصلاة والسلام، وما ذاك إلا غيض من فيض، وقليل من كثير، يحظى به أهل القرآن. وإنَّ من واجبي أن أنقل رسالة المتسابقين والضيوف التي حملوني بها، وأن أعبر عنها بصوت مكتوب، فشكرا خادم الحرمين الشريفين، إزاء تلك اللفتة المباركة، والعطاء الكريم، والأيادي البيضاء لحملة كتاب الله تعالى، وجعل الله ذلك في ميزان أعمالكم الصالحة، وسجل حسناتكم الباقية، إنه جواد كريم، وعلى دروب أهل القرآن نلتقي. * أمين عام المسابقة