كثيرون يسألونك لماذا تكرر بما تكتبه وما طرحه غيرك بينما المسائل واحدة، وهذا صحيح وخاصة ما يتعلق بالشأن الداخلي، فالهم واحد والآراء متعددة، وهذا ما يكسب أي موضوع أي لا تشابه بالمعالجات وإنما تعدد الأفكار، وعلى سبيل المثال هناك أولويات تتقدم على غيرها بحاجة المواطن والجميع يراها همّاً عاماً مثل الوظيفة والسكن وعلاقتهما بالبطالة والضغط على موارد الأفراد والعائلات والكل يطرح أفكاره للبحث عن حلول تثري صانع ومخطط القرار ومصدره.. الهم المطروح الآن السؤال المتكرر لماذا تضغط دول المصدر على السعودية تحديداً كأكبر مستقدم للعمالة المنزلية وغيرها تصل إلى درجة التجريم في المعاملة وضمان حقوق العامل والعاملة ولا نجد توحيداً لأسعار الاستقدام من دول غارقة بالفقر إلى أخرى أكثر منها حاجة ولكن فائضها أصبح ميدان ضغط على اقتصادها، ومع ذلك تحولت سفارات تلك الدول عندنا إلى مكاتب استقدام، ولا نجد نفس الوقفة الإيجابية من وزارة العمل تحديد الأسعار ليس حسب العرض والطلب، لأنهم ليسوا سلعاً تجارية أو نفطية وإنما هي عقود عمل معمول بها في جميع أنحاء العالم، وحتى الدول الخليجية المجاورة لديها تحفظات وقوانين أجبرت تلك الدول على توقيع اتفاقات مغايرة لما هو معمول به عندنا.. آخر التطورات في أسعار الاستقدام تصل ما بين عشرة آلاف إلى واحد وعشرين ألفاً وهو تفاوت لا ندري هل بني على المؤهل والكفاءة، أو دخل العامل والمعاملة في بلده حتى تصل إلى هذه الأرقام ونعرف أن الدول المصدرة معظمها تقع على خط الفقر، والعمل الموكل لأبنائهم أعمال منزلية وليست إدارات أو أعمال مهنية وفنية، وهي أسباب أثارت الرأي العام إلى جانب تلاعب مكاتب الاستقدام وتحايلها وعدم إخضاعها لقوانين واضحة سواء في سوء الاختيار أو الكشف الطبي أو المدة التي يفرضها المكتب ولا يلتزم بما يوقعه على البيانات المطلوبة لنوعية المستقدم أو مدته؟ هناك أفكار بأن اتفاقاً سيوقع عليه بين دول الخليج العربي أو دول المجلس على سياسة واحدة في استيراد العمالة وتوحيد الإجراءات لتكون كتلة أمام دول المصدر، وهذا إيجابي إذا ما التزمت به كل الدول، لكن قبل هذا هل صححنا مسارنا الداخلي بحيث نحمي المواطن من مغالاة الأسعار أو ما يحدث من هروب أو رفض للعمل أو اكتشاف أمراض سارية وبعضها خطيرة، في حين السفارات السعودية هناك تسهل الإجراءات بناء على تقارير من مستشفيات أو مستوصفات بعضها أو أكثرها لا يقوم بالتدقيق بصحة المستقدم، بل هناك ما يشبه (المافيا) بالتلاعب بكل شيء.. أعذر السفارات عن عجزها بملاحقة تدفق العمالة ونوعياتها وهي محدودة القدرة الإدارية بينما كان من المفترض أن يكون هناك ملحقين لوزارة العمل يقومون بهذا الدور. المشكلة عويصة ومعقدة والنجاح في تطوير الأداء وسن القوانين الملزمة وليست الشكلية يحتاج إلى كادر عمل يعي أن حجم العمالة لدينا والمتضاعف باستمرار وقد ندفع الكثير بسبب تجاوزاتهم والأضرار الناجمة عن الذين لا يملكون أي مؤهل أو قاعدة سلوكية سوية ليأتوا وهم على قناعة بأنهم جاءوا لمجتمع غني متسيب وكسلان ولابد من استغلال كل الظروف بالحصول على كل شيء بأي أسلوب مباح أو غير مباح.. المسألة طويلة والقضية نوقشت على كل المستويات ولكننا لا نجد ما يوازيها من فعل مساو وأقلها مسائل التستر ومضاعفات البطالة لأبنائنا وبناتنا على حساب عمالة رخيصة ندفع كل الأثمان والخسائر بسببها. لمراسلة الكاتب: [email protected]