لاشك بان سوق الاسهم اليوم هو حديث كل مجلس مابين منظر ومستثمر ومتحسر ومتفرج غير انهم يشتركون على الاجماع بان السوق لازال بحاجة إلى تنظيم اكثر وتشريعات اغزر تكفل بها عدالة الاستثمار والدخول في تداولات السوق. فبالامس ترتفع اسعار احدى الشركات المتداولة الى ست مرات كنسب عليا وبدون مسببات اقتصادية او عوامل اصولية يمكن ان يفهم منها تلك القفزات للسعر السوقي لتكون النتيجة ان منحنى الطلب زاد بسبب زيادة احد المستثمرين في نسبه للتملك في هذه الشركة مما استثار الاخرين في تقليد ربما يوصف بانه تقليد اعمى. ومثله شركة اخرى ترتفع إلى معدلات قياسية فتبادر الجهات الرقابية والتشريعية في السوق الى الافصاح عن هذه النسب بكل شفافية. وتستثار مرة اخرى همم من يطمع ان يكون مع زمرة الكاسبين لتلك الغنائم فيزداد الطلب غير المبرر فيرتفع السعر السوقي للسهم ارتفاعا فاحشا مما يعني انه وصل الى معدلات لم يسبق ان سجلت تاريخيا لهذا السهم. ومع هذا التغريد بل التحليق عاليا مع الاسراب وعلى حين فترة من وقت الاحتفالات بالارتفاعات يبدأ التخلص او مايسمى في لغة السوق «بالتصريف» لتلك الكميات من الاسهم التي غدت بقيمتها تلك بضائع مزجاة حينها تعلن الجهات الرقابية ايضا تدني نسب التملك لتصل في احدها الى صفر وينعكس ذلك على السعر فيبدا مسلسل النزول في الاسعار ليصل إلى مستويات متدنية بشكل كبير فيجد كثير من المقلدين انهم خارج دائرة المكاسب بل في مركز الخسارة. وبطبيعة الحال ان مثل هذه التصرفات تتفق ونظامية التداول بل من الواضح القصور في الانظمة لدرجة يمكن من خلالها الاستفادة غير العادلة. ان القصور الذي اراه في مثل هذه الجزئية من تشريعات التداول هو عدم الزام المستثمر من الخروج من الاسهم تلك الا خلال فترة محددة. والا فما هو المقصود اصلا من مثل هذا التشريع والاعلان للجمهور عمن يمتلك نسبة محددة من اسهم الشركة اجمالا؟ بلاشك ان امتلاك نسبة معينة تعني ان للمستثمر اهدافا استراتيجية محددة وهذا على وجه العموم يعني بقاءه فترة تمكنه من خلالها تحقيق هذه الاهداف فليست ضوابط الافصاح عن الملكية تعني استغلال المستثمر لسمعته والتحليق بالسعر ثم الخروج في اوقات قياسية. ان المشكلة الازلية في سوق الاسهم السعودي هي الوعي الاستثماري والذي لازال على الرغم من بعض الجهود المختلفة يعتبر متدنيا. وكثيرة هي التحذيرات من عزم الانجراف وتقليد السلوك الاستثماري دون تدبر فالانظمة والهيئات مطالبة بالتجديد والتعامل مع البيئة غير انه مهما كان لايمكن لها ان تلم بكل جوانب السلوكيات لتحمي المتعاملين كلهم على حد سواء. * استاذ العلوم المالية المشارك بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن