منذ القِدم يوجد في وسط بلادنا نوعان شهيران من القمح، وهو المعروف بالحب، وهما حب الدِّجن وحب اللقيمي. ومن الدِّجن أنواع كثيرة أشهرها عندنا حب المعيّة والقصيم ونجران والجوف، وتتميّز سنابلها وبذورها بالطول، ومن الناحية التغذوية فالدِّجن غني بالدبقين والبروتين والألياف. أما حب اللقيمي فمنه 14 نوعاً تختلف ألوانه بين الذهبي المحمر إلى الذهبي الباهت اللون. وتتميز سنابله بالقصر وتراص البذور وليونتها، وحب اللقيمي أقل في كميات البروتين والدبقين والألياف من حب الدِّجن. وبسبب هذه الاختلافات بين النوعين تفصل بعض المصادر بينهما في الجنس ولا تعدّ اللقيمي من أنواع القمح! ومن هذين النوعين (الدِّجن واللقيمي) تحضّر الأطباق التراثية المعروفة، فمن دقيق قمح الدِجن يحضّر المرقوق والمطازيز والقرصان والحنيني والمحلا وخبز الصاج والتاوة... وغيرها. ومن قمح اللقيمي المجروش يحضّر الجريش والعصيد والمثلوثة (وهي ليست مثلوثة اليوم إنما كانت نوعا من العصيد تحضر من دقيق الدخن والذرة البيضاء واللقيمي.) واستخدام أجدادنا لهذين النوعين يعكس إدراكهم لخصائصهما فالدِّجن واسمه العلمي Common wheat (Triticumastivum)غني بالدبقين (الجلوتين)، ولذا يصلح للأطباق التي تتطلب عجينتها مطاطية. أما اللقيمي، واسمه العلمي Club Wheat (Triticumcompactum )، فهو قليل الدبقين ويصلح للأطباق التي لا تتطلب عجينة تمط أو تنتفخ وأولها طبق الجريش المعروف. وفي الصناعة يستخدم دقيق الدِّجن لإنتاج أنواع الخُبز وأنواع الكيك والمعجنات. أما دقيق اللقيمي فيخلط مع نوع قمح يسمى القمح الأبيض خاصة لإنتاج أنواع البسكويت الهشّة. وكل المصادر التي اطلعت عليها تُجمع على أن اللقيمي مع قلّة الدبقين فيه يسبب التحسس من القمح أو عدم تقبّله مثله مثل الدِّجن، بل يذكر والدي أطال الله في عمره أن اللقيمي قديماً كان معروفاً أنه ممرور، أي ان آكله يشعر بالمِرّ، أي حرقان في المعدة بعد أكله. ومؤخرا تشير الأبحاث لوجود احتمالات أخرى للتحسس وهو أن كمية الدبقين/ البروتين في القمح ليست هي المسؤولة عن حدوث التحسس إنما المسؤول عن التحسس هو وجود بروتينات معيّنة أو نشويات أخرى في أنواع من القمح هي التي تسبب التحسس. وتبدو المعلومات الحديثة معقولة، فأنواع قمح غنية بالدبقين مثل قمح الإينكورن والكاموت والسبيلت لا تسبب التحسس من القمح بينما تسببه أنواع قمح اخرى مثل اللقيمي قليلة الدبقين. يقول الدكتور بيتر جرين المتخصص بالجهاز الهضمي في مركز جامعة كولومبيا الطبي في ولاية نيويوركالأمريكية إن القمح يتألف من أشياء أخرى بالإضافة إلى الدبقين، ومنها بروتينات أخرى وعناصر غيرها.. والمسألة أكثر تعقيداً مما كان يُعتقد سابقاً. وأحد أنواع النشويات واسمه فروكتانfructan هو الذي يسبب تهيّج الأمعاء وما يصاحب ذلك من غازات وانتفاخات وتقلصات وإسهال أو إمساك.