هي إحدى تلك المتلازمات التي لا تُعتبر أمراضا بالمفهوم الطبي حتى في علم النفس لا تُعتبر مرضا نفسيا؛ لهذا أسموها نزعة. النزعة قد يخلقها الفرد بتوهماته وتخوفاته وشكوكه والتي ربما لا أساس لها في الواقع المعيشي (أقصد التوهمات) لكنه الخوف من مجهول غير محدد الملامح لهذا يكفي رفض الجديد والوقوف موقف الضد حتى ولو لم يكن هناك مبررات منطقية لهذا السلوك. الأديان والعقائد التي دعا إليها الأنبياء والرسل ووجِهتْ كما هو معروف بالرفض بل وبالحرب والمقاومة من قبل الناس الذين تخوّفوا في البداية من هدم قناعاتهم التي وجدوا الآباء والأجداد عليها عاكفين فكيف يمكن التخلي عنها لمجرد فكرة يأتي بها رجل منهم ويقول إنها من الله؟ هكذا كانت فكرة مقاومة الأديان الجديدة على الناس وهكذا استمرت هذه النزعة إلى يومنا هذا ليس في المجال الديني بل في المجالات الدنيوية. مناسبة الحكي عن رفض التحديث هو ما نشهده (أحيانا) من بعض المتحمسين على غير هُدى، أولئك النفر من القوم الذين يعتقدون بمسؤوليتهم المباشرة عن حراسة القديم ومقاومة التحديث والتجديد في بعض شؤون الحياة. لهذا تأخرت بلادنا في بعض المناشط الحياتية بسبب هؤلاء وحتى لو تم فرض التحديث النافع بقوة القانون يظل مثلوما غير مكتمل لوجود عدم قناعة وفي بعض الأحيان محاولة للتعطيل. الأمثلة كثيرة سواء في مجال التعليم أو الترفيه أو العمل وخصوصا حين تكون المرأة حاضرة في أي حكاية. لو قرأ هؤلاء الوضع قبل حوالي قرن من الزمان حينما قرر موحد هذه البلاد وبانيها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن إدخال أساليب الحياة الحديثة في البلاد لينقل المجتمع حينها من البداوة المنغلقة إلى رحابة التحضّر والتمدّن فقد واجه رفضا ومقاومة من فئة متشددة لا ترى الحياة إلا من خلال منظارها شديد البساطة لدرجة التخلّف. هل اقتنع المؤسس العظيم بأوهامهم، وضعُف أمام مقاومتهم؟ كلاّ .. لو حدث ذلك لأصبحنا ضمن الدول المتخلفة التي لا احترام لها ولا قيمة في المجتمع الدولي. المشكلة في أصحاب نزعة رفض التحديث هو اعتقادهم بأن الأخذ بالحداثة وكل جديد يعتبر هزيمة لهم ونصرا للتيار الآخر، وهذا غير صحيح البتّة إذ الوطن ورفعته ورفاهية أهله هو الهدف الأساس ياأولي الألباب لعلكم تعقلون. لمراسلة الكاتب: [email protected]