انضم المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر أخيراً إلى جوقة الواعظين والمحذرين من انزلاق اليمن في صراع طائفي ومذهبي قد يؤدي إلى تفتيته وتفكيكه وتحطيم مقومات التعايش بين أبنائه لم يتوقف الأمر عند ذلك بل إن هذا المسؤول الأممي قد أشار إلى أن تداعيات الزلزال اليمني ستتجاوز حدوده الجغرافيه لتطال تأثيراتها كامل المنطقة ولذلك فقد دعا الأطراف والمكونات اليمنية إلى سرعة تشكيل الحكومة الجديدة وتطبيق اتفاق السلم والشراكة الذي يسمح للدولة باستعادة نفوذها وتجنيب البلاد هذا المصير الكارثي والمثير للقلق. وما يفهم من هذه التحذيرات هو أن اليمن قد اقترب من حافة الهاوية وان المسؤول عن ملفها في منظمة الأممالمتحدة والذي ظل يقدم في وسائل الإعلام بوصفه (المنقذ الاستثنائي) بات مقتنعاً أن الوقت قد فات لفعل شيء ما لإنقاذ هذا البلد دون أن تدله تلك القناعة على أن تدهور اليمن إلى حالة ماقبل الدولة ليس سوى محصلة طبيعية لفشله الصارخ وفشل الأممالمتحدة في التعامل جدياً مع الأزمة اليمنية المتفاقمة منذ أكثر من ثلاثة أعوام وانه ما كان لليمن أن يصل إلى هذا المنحنى الخطير لولا السياسات الخاطئة التي اتبعها المبعوث الأممي والذي ابتعد عن صلب مهمته في مساعدة اليمنيين على تنفيذ الآلية المزمنة للمبادرة الخليجية وصولاً إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال مدة أقصاها عامان تنتهي في 21 فبراير 2014م لينصب تركيزه على إطالة مدة بقائه ممسكاً باليمن ضمن معادلة لا يقوى على فك طلاسمها غيره وبالذات بعد أن نجح بنعمر تحت المظلة المباشرة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي ظل غائباً أو مغيباً طوال الأعوام الماضية الثلاثة في جعل جميع اليمنيين يلعبون بالساحة تحت أنظاره يحركهم حيث يشاء وكيفما يشاء. لقد قفز المبعوث الأممي جمال بنعمر من خلال دوره في اليمن إلى منصب الأمين العام المساعد للأمم المتحدة متخطياً الأعراف الأممية التي تفترض في أي مسؤول يترشح لشغل هذا المنصب أن يحصل على دعم بلاده وذلك ما لم يتوفر لبنعمر فقد قدمت المغرب أكثر من خمسة احتجاجات رسمية للأمم المتحدة على وجوده ضمن كادر هذه المنظمة الدولية وعلى الرغم من تلك القفزة الوظيفية فإنها التي لم تحفزه على تغيير قواعد اللعبة التي تعامل بها مع الأزمات السياسية والمجتمعية التي تعصف باليمن إذ انه وبدلا من أن يسعى جاهداً إلى تفكيك تلك الأزمات واحتواء مظاهر الفلتان المتصاعدة في الشارع اليمني وفي الحياة السياسية اليمنية عمل على تأجيجها مما أسهم في توسيع رقعة الفوضى وانهيار مؤسسات الدولة ودفاعات النظام السياسي وبشكل لم نشهده في أي بلد عربي آخر. من نافل القول ان خشية جمال بنعمر من مغبة سقوط اليمن في اتون فتنة طائفية ومذهبية تلوح في الأفق كانت صادمة للكثيرين خاصة لمن يعرفون حقيقة الدور الذي لعبة المبعوث الأممي الذي لم يكن مجرد وسيط لتقريب وجهات النظر بين اليمنيين بل انه من تحول إلى صانع قرار والمسير الحقيقي لعملية التسوية في اليمن علاوة على انه من أوصل اليمن إلى ما وصلت إليه اليوم من نهايات حادة وجارحة حد الموت في ظل الاحتشاد من قبل جماعة أنصار الله الحوثية والاحتشاد المضاد من قبل القاعدة وهو الذي لن يتوقف خطره عند حدود الاقتتال الطائفي بين الجماعتين المسلحتين بل ربما يتعداه إلى انفجار اليمن بمواطنيه وجيرانه.