يتعرّض العديد من المواطنين الراغبين في الاستثمار إلى خسائر كبيرة نتيجة قلَّة الوعي والبحث عن الربح السريع، إلى جانب عدم وجود جهات مختصة ترشد المستثمر إلى المقومات الأساسية والفرص المناسبة للاستثمار السليم. ويرى مختصون أنَّ الشركات والمساهمات الوهمية المخالفة لقانون "وزارة التجارة" أحدثت خللاً في التركيبة السكانية، داعين إلى وضع حد للتحايل على القانون من قبل بعض الشركات والمساهمات التي تغري المواطنين بالربح وتحقيق الثراء السريع بحسب ما تطرحه هذه الشركات من إعلانات. وتسبَّب وجود الشركات غير النظامية في حدوث تشوهات واختلالات في سوق العمل؛ لكونها لا تحقق العدالة والكفاءة المطلوبة في السوق، إلى جانب تأثيرها السلبي على مفاصل الاقتصاد، وأهمها النظام المالي والمصرفي، حيث تسعى إلى تمرير عمليات تجارية واستثمارية غير نظامية لا تدخل في حسابات الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وذلك بحسب تقارير مهمة تصدر عن البنك الدولي بالاشتراك مع برنامج الأممالمتحدة لمكافحة الجرائم والمخدرات الخاصة بالفساد وجرائم الاحتيال المتعلقة بالشركات عموماً وتسجيلها بصفة خاصة، وقد تضمنت التقارير أنَّ جرائم الفساد والاحتيال الإجرامي تنخر في اقتصاديات المجتمع؛ لأنَّها تكلف الحكومات والشركات ملايين الدولارات سنوياً. ويُعد تعريف دليل اللجنة الأوروبية لغسيل الأموال الصادر لعام 1990م الأكثر شمولاً وتحديداً لعناصر غسيل الأموال من بين التعريفات الأخرى التي تضمنتها عدد من الوثائق الدولية والتشريعات الوطنية، إذ أنَّ غسل الأموال يُعدّ عملية تحويل الأموال المتحصلة من أنشطة إجرامية، بهدف إخفاء أو إنكار المصدر غير الشرعي والمحظور لهذه الأموال، أو مساعدة أي شخص ارتكب جرماً ليتجنب المسؤولية القانونية عن الاحتفاظ بمتحصلات هذا الجرم. ويعاني القطاع التجاري في المملكة من عمليات "الغش" و"التحايل"، وكذلك وجود الشركات والمواقع الالكترونية الوهمية، مما يؤكد ضرورة الإفصاح بدقة عن كل المرافق والمنشآت القانونية، وذلك ضمن الأجندة الوطنية والعالمية، كذلك لابد أن يعي المواطن دوره عبر التبليغ عن أيّ مساهمة بلا ترخيص من "وزارة التجارة"، إضافةً إلى أهمية إبراز دور المؤسسة الرسمية لحماية المواطن العادي والمستهلكين الغافلين الذين قد لا يفهمون شيئاً في التجارة أو الاقتصاد. صناديق استثمارية وقال "د. زين العابدين بن عبدالله بري" -عضو اللجنة المالية بمجلس الشورى الأسبق- :"إن دور الشركات والمساهمات الوهمية انتهى ولم يعد ظاهراً على السطح بشكل يوحي بالخطر، وذلك بعد أن عملت وزارة التجارة على وضع صناديق استثمارية تتابع الصناديق في البنوك"، مؤكداً على أنَّه تمَّ في مجلس الشورى مناقشة تلك الصناديق، داعياً المواطنين إلى الاطلاع على النظام المعتمد من قبل "وزارة التجارة" في هذا الشأن، إلى جانب التأكّد من وجود الترخيص لهذه الصناديق أو المساهمات قبل الدخول فيها. وشدَّد على ضرورة تبليغ المواطنين عن أيّ مساهمة بلا ترخيص من "وزارة التجارة"، مُشيراً إلى أنَّ هذه المسؤولية تقع مناصفة بين المواطن والجهات ذات العلاقة، لافتاً إلى أهميَّة منع الجهات المعنية لإعلانات الربح السريع التي لا تُعرف مقاصدها. نحتاج إلى إبراز دور المؤسسة الرسمية لحماية الأفراد من عمليات «الغش» و«التحايل» اشتراطات قانونية وأشار "د. يوسف المشعل" -محلل في الشؤون الاقتصادية والسياسية بمملكة البحرين- إلى أنَّ كل استثمار قويّ تقف خلفه وأمامه وتحيط به قوانين ونظم اقتصادية قوية وصارمة، مُضيفاً أنَّ المعيشة الآمنة والمستقرة لا تكون كذلك إلاَّ عبر قوانين تحمي المستهلك وتنصفه من كل غشَّاش وأفَّاك ونصَّاب، مُبيِّناً أنَّ المُشرِّع البحريني وضع مرسوم إنشاء لجنة لوضع سياسات حظر ومكافحة غسيل الأموال، وذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة، لافتاً إلى أنَّه عُرف عن مؤسسات دول الخليج دقتها عند إعطاء الرخص للشركات العالمية. وأضاف أنَّ هذا الوضع أصبح اليوم -للأسف- معاكساً تماماً لما كان عليه بالأمس، مُشيراً إلى أنَّ الكل يعمل في السوق الخليجي، سواء كان برخص أو حتى دون رخص، موضحاً أنَّ ذلك يتعلَّق بالأفراد والمؤسسات، مُضيفاً :"لم نعد نعرف من يعمل وفق الاشتراطات القانونية ومن يعمل وفق عصابات المافيا وشركات تبييض الأموال وغسيلها"، لافتاً إلى أنَّه لابُدَّ أن يبرز دور المؤسسة الرسمية لحماية المواطن العادي والمستهلكين الغافلين الذين قد لا يفهمون في التجارة أو الاقتصاد. مبادئ الشفافية وأوضح "عبدالله آل قير" -اقتصادي ورجل أعمال- أنَّ القطاع التجاري في المملكة يتعرَّض للعديد من التحديات، مُضيفاً أنَّ من أهمها: الغش التجاري والشركات الوهمية، والمواقع الإلكترونية الوهمية، إلى جانب البضائع غير المطابقة للمواصفات، وكذلك انتحال الشخصية وتزوير شهادات المنشأ، إضافةً إلى أوراق الشحن المزيفة، داعياً إلى وضع مبادئ الشفافية والإفصاح التي يجب اتباعها بدقة في كل المرافق والمنشآت القانونية، وذلك ضمن الأجندة الوطنية والعالمية. وأضاف أنَّه يجب أيضاً تحسين مُقدرات السلطات المختصة بإنفاذ القانون ومتابعة تطبيقه، موضحاً أنَّ كل هذه الحلقات يجب أن تتكامل وتشكل دائرة يقع داخل إطارها كل هذه النشاطات. قانون وطني وأكَّد "حسين بن جلال آل سنان" -مستشار قانوني- على أنَّه لابُدَّ عند تسجيل الشركات وأسماء الأعمال من الحرص على تقديم كل المستندات المطلوبة ودراستها؛ للتأكّد من مطابقتها للقانون الوطني المنظم لأعمال الشركات وغيره من القوانين السارية، إلى جانب تقديم الدراسات الخاصة بتأسيس الشركة وتوفر رأس المال ووضعه في حساب خاص بالشركة وعدم التصرف فيه، وكذلك مكان إقامة الشركة ومكان مزاولة الأعمال. ودعا الجهات المختصة إلى زيارة هذه الأماكن؛ للتأكّد من وجودها على الأرض بشكل فعلي، وليس في الأوراق فقط، مُضيفاً أنَّ الشركة الصورية تُعرَّف بالشركة الوهمية التي تشكل واجهة غير حقيقية لطبيعة النشاط الذي يمارسه صاحبها باسمها، موضحاً أنَّه يمكن أن تكون شركة أشخاص أو شركة أموال أو شركة مدنية أو تجارية، مُشيراً إلى أنَّه ينظر إلى هذه الشركات في الفقه والاجتهاد القانوني على أنَّها شركة معدومة الرضا، كما لو كانت تخفي مشروعاً فردياً. مصلحة مشتركة وأوضح "آل سنان" أنَّه يمكن أن يكون موضوع وهدف الشركة الصورية عملاً مباحاً، وتصبح عندها أداة صالحة لتحقيق بعض الأهداف التي تقتضيها مصلحة مشتركة يتعذر تحقيقها عن طريق مباشر ظاهر، مُشيراً إلى أنَّه لابُدَّ من الإشارة إلى أنَّ الغاية من إنشاء شركة صورية هي تحديد مسؤولية التاجر الفرد، وخاصة في حال توقّفه عن دفع ديونه التجارية، موضحاً أنَّه يتم إعلان إفلاس الشركة الظاهرية وحدها، وتكون أموال الشركة محل ضمان عام لدائني الشركة. وبيّن أنَّ الفقه والقضاء استقرا على اعتبار أنَّ الشركة الصورية لا تُشكِّل بحد ذاتها سبباً لإبطال العقود أو لتعطيل مفاعيلها، بل هي عنصر حيادي لا شأن لها على صحة أو بطلان العمل القانوني الذي تستره، وبالتالي فهي لا تجعل العقد الصحيح باطلاً، كما لا تجعل الباطل صحيحاً، وعليه فإنَّه لا وجود ولا عبرة للعقد الظاهر، حيث انَّه معدوم الأثر، وبالتالي فإنَّ العبرة هي للعقد الحقيقي وللحالة الحقيقية، لافتاً إلى أنَّ الشركة الصورية هي التي لا تُراعى فيها الشروط القانونية المفروضة، والتي تخالف النظام العام. شركة وهمية ولفت "آل سنان" إلى أنَّه لا يمكن تأييد الشركة الصورية أو تصحيحها؛ لأنَّها غير قانونية أو حقيقية، مؤكداً على أنَّها شركة وهمية باطلة بطلاناً مطلقاً، وبالتالي لا تتمتع بالشخصية المعنوية ولا يمكن تطبيق أحكام الشركة الفعلية عليها، مُضيفاً أنَّ عملية الإخفاء أو الإنكار تمتد لحقيقة أو مصدر أو موقع أو حركة أو ترتيبات أو طبيعة الحقوق المتحصلة من هذه الأموال أو ملكيتها، مع توفر العلم أنَّ هذه الأموال متحصلة من جريمة جنائية، موضحاً أنَّه وفقا لهذا التعريف، فإنَّ غسيل الأموال بالمعنى البسيط، هو : إظهار المال الناتج عن جرائم جنائية -كترويج المخدرات أو الإرهاب أو الفساد أو غيرها- بصورة أموال لها مصدر قانوني ومشروع. المواطن عليه مسؤولية التبليغ عن أي مساهمة بلا ترخيص أحلام الربح السريع تقود إلى آثار نفسية سلبية وخسائر مادية د. زين العابدين بري د. يوسف المشعل عبدالله آل قير حسين آل سنان