بين مقولتي سينتخب رئيس للجمهورية اللبنانية قبل نهاية شهر نوفمبر المقبل وبين مقولة الرئاسة شأن مؤجّل والحلّ بيد الجنرال ميشال عون الذي يبدو جليّا أنّه غير عازم على التراجع عن ترشحه لغاية اليوم، ثمّة تناقض حقيقي لكنّه يعكس مدى الغموض الذي بلغته الأحوال في لبنان المرتبط إستحقاقه الرئاسي مباشرة باتفاق إقليمي ودولي قد يأتي بعد تاريخ 24 نوفمبر عند انتهاء المحادثات الدولية حول الملفّ النووي الإيراني وقد لا يأتي، فيكون لبنان ساحة مرشّحة للاحتدام كما هو حاصل اليوم مع رفع السقوف الكلامية وخصوصا ل"تيار المستقبل" ضدّ "حزب الله". في الإطار الرئاسي تحاول فرنسا لعب دور رئيسي في هذا الاستحقاق، لكنّه دور محفوف بالتكتّم العميق الى درجة أن زعيم تيّار المستقبل سعد الحريري لم تصدر عنه أية مواقف واضحة بعد اجتماعه أخيرا بالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بحيث بقيت إجاباته ضمن العموميات بحسب بعض الذين التقوه في باريس. وتظهّر أوساط دبلوماسية فرنسية أنّ مفتاح الرئاسة اللبنانية هو بيد إيران التي ستنسّق موقفها مع "حزب الله" الذي لا يرغب حاليا بوجود رئيس. ويدرك الفرنسيون أن لإيران دور محوري في الملفّ اللبناني وأنه وسط ترابط الملفات في المنطقة ومن ضمنها لبنان يصعب إيجاد حلّ لبناني صرف بعيدا من التجاذبات الحاصلة، لكنهم لا يتوقفون عن الأمل بإيجاد دينامية لبنانية داخلية قادرة على اقتراح معجزة. ويدرك الفرنسيون بحسب أوساط مقربة منهم تحدثت ل"الرياض" أيضا أن إحداث دينامية داخلية أمر صعب لأنّ الاتفاق على رئيس لبناني سيتطلّب أيضا الاتفاق على سلّة متكاملة من المواضيع منها قانون الانتخابات النيابية والتوازنات داخل السّلطة وأجندة العهد الرئاسي المقبل، فموضوع الرئاسة لا يمكن فصله عن هذه الأمور الأساسيّة وهو رأي غالبا ما يظهرّه بوضوح الفريقان السياسيّان المتناحران في البلد أي فريقي 8 و14 آذار.