لن يتفاجأ من يتابع الشارع الرياضي وبمختلف أعمارهم وتوجهاتهم ما يصدر من قبل البعض من تصرفات أو تلميحات او تعليقات تهدف لتحطيم الروح الرياضية وإذكاء التعصب، وسواء كان هؤلاء الأشخاص يعملون في الاندية الرياضية أو لا أو حتى من إعلاميين يتم استضافتهم في قنوات فضائية معينة ويضربون بالمهنية عرض الحائط فإنهم اتفقوا جميعاً على الهدف سواء عن قصد أو من دون قصد وهو ترسيخ مفهوم التعصب بين الجماهير وإذكاء التنافر والفرقة في الشارع الرياضي. ربما يتناول الكثير من الاعلاميين التعصب الرياضي وعرض هذا الجانب وتحليله كما عُقدت العديد من الندوات والمحاضرات العلمية في الجامعات خلال الفترة الماضية جميعها ناقشت هذه القضية المعقدة والظاهرة المنتشرة على مستوى العالم والتي عانت منها الرياضة ولاتزال وتزداد كما ارتفعت حدة التنافس بين الاندية أو حصل احد الاندية على كأس أو تأهل لنهائي بطولة معينة. كثير من الاشخاص لا يلقون بالاً لها نظراً لعدم إدراكهم لتبعات مثل هذا التنافر والفرقة، فالتعصب الرياضي يبدأ تدريجياً من محبة الفريق المفضل الى كره الفرق المنافسة ومن ثم ترسيخ ذلك الكره لدرجة تفوق محبته لفريقه، ومن ثم يتم تحول ذلك الكره من مجرد أفكار وآراء الى سلوكيات وتصرفات بدءاً من التقليل من الانجازات مروراً بالاعتداء اللفظي على الاندية وإداراتها او التشكيك في اللجان التابعة للاتحادات الرياضة وربما يتطور الامر الى الاعتداء وتحطيم الممتلكات العامة. ومن الاسباب التي أدت الى انتشار هذه الظاهرة وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة التخفي وعدم إظهار هوية الشخص كوضع الاسماء المستعارة وعلى الرغم من وضوح قوانين وأنظمة الجرائم الالكترونية الا أنه لا يزال هناك من يعتقد أنه بإمكانه التخفي والهروب من الرقابة مع عدم صحة ذلك الاعتقاد جملة وتفصيلاً. وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي يبقى مجرد أداة ووسيلة لنشر التعصب وليس السبب الرئيس الذي يقع خلفه، فكما أشارت الدراسات العلمية التي حللت وناقشت تلك الظاهرة وجدت أن هناك أسبابا عدة تقف خلف التعصب وهي بالمختصر تشمل تصريحات بعض من أعضاء مجالس ادارات تلك الاندية أو حتى رؤسائها وسلوكيات بعض اللاعبين والجهاز الفني داخل الملعب أو قرارات بعض الحكام الخاطئة والتي من شأنها تهييج الجماهير التي تضرر فريقها وعناوين وتصريحات بعض الاعلاميين المحسوبين على أندية معينة ضد أندية أخرى. صحيح أنه من طبيعة النشاط الرياضي التنافس من أجل تحقيق لقب معين أو بطولة إلا أن استمرار تلك الظاهرة في الانتشار وخصوصاً بين الشباب وهم ما يمثلون غالبية متابعي كرة القدم يدعونا جميعا الى ضرورة العمل للقضاء عليها وفق خطط عملية وأساليب علمية. وعلى الرغم من انتشار ظاهرة التعصب إلا أنه بالامكان التقليل منها بل والقضاء عليها بحيث يتم العمل على ذلك من خلال الرئاسة العامة لرعاية الشباب والاتحادات الرياضية وفي مقدمتها اتحاد كرة القدم نظرا لشعبية اللعبة وانتشارها بعمل الندوات العملية والورش والمحاضرات واستضافة الاشخاص ذوي الخبرات في هذا المجال، واستحداث عدة برامج توجه للعاملين بالاندية والاعلاميين بصورة خاصة لزيادة الوعي بأهمية نشر الروح الرياضية وتقبل الاندية الاخرى والابتعاد عن التصاريح الاستفزازية وتطوير أداء الحكام والتقليل من الاخطاء واستحداث جوائز لأفضل الكتّاب والاعلاميين محاربة للتعصب والجماهير الرياضية وبالتأكيد سيُكتب لذلك النجاح خصوصاً مع حث ديننا الحنيف على التوحد ونبذ التعصب والفرقة فقد قال عليه الصلاة والسلام المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. *كاتب وأكاديمي