إرث.. حين يتحدث تصمت كل الأفواه وتنصت.. وحديثه لا يقبل النقاش أو الخطأ.. تلتفت الأعناق وتنتصب حين يوقف سيارته الفارهة ليحظوا بتقبيل يده فكان يسحب يده من أيديهم تكبرا وغرورا حتى لم يكادوا لمس أصابعه كون ثروته بما يملك من سلطة ونفوذ فقد كان كريما على نفسه وأبنائه وبخيلا حتى على صاحب الحق.. لم يحسب عقله المشغول بجمع المال من أيدي أصحابها أنه لحياته نهاية وسقط من علياء تكبره وغروره وجشعه على فراش المرض الذي افترسه كحيوانات الغاب ومات على فراشه.. مات بعدان هجره من ظلمه وسرقه وكان في أيامه الأخيرة ينظر لباب غرفته ليجازي من هجره وكان الباب مغلقا كما كان باب الحياة. مات وانتهت قصة الغرور والتسلط لتشتعل في داره أصوات أبنائه فكل منهم يضم بيده ورقا كانت بأيدي أصحابها واستحالت لخلاف بينهم اجتمعوا ذات مساء بعيد عن تراب قبر والدهم وفردوا الأوراق ليحظى كل واحد منهم بنصيبه اختلفوا كثيرا على الأوراق فصفع أحدهم أخاه وتعالى صوت آخر وانمحت دموعهم التي كانت خلف تراب أبيهم في المقبرة وانتهت الحكاية وهم لم ينتهوا من توزيع إرث ولعنة ابيهم التي ورثوها منه.. أخوة.. أوقف سيارته التي لم يروها سوى في أحلامهم أمام مزرعته الكبيرة اصطفوا عند سيارته للسلام عليه فكان سلامه لهم من أطراف أصابعه ويدفعهم حين يرفعون رؤوسهم لتقبيل رأسه أو احتضانه دخل مجلسه الكبير وتناول قهوته وبعد ما شرب فنجانه الثالث التفت الى من يقف خلفه وسأله أين هم أخوتي.. قال من يقف خلفه بهدوء هم طال عمرك من استقبلوك عند نزولك من السيارة !.. لقاء.. التقينا بعد عدة مواعيد لم تصدق جلست على مقعدي وبعد دقائق أتت وجلست على مقعدها انتهينا من حديث المجاملة وسكتنا لم يحرك شفتانا سوى طلب القهوة من النادل ومن بعد ذلك صمت عيناها تسبح في فنجان قهوتها حينما تفترسها عيناي وعيناي تستقر على قبضة يدي حينما تطفو نظراتها لوجهي انتهينا من شرب القهوة وقامت لتودعني حينما كان الصمت هو لقاءنا ورحلت رحلت حينما قالت لي كل شيء من نظراتها وقلت لها كل شيء من نظراتي واتفقنا..