نشر الأستاذ منصور اللغوي في زاويته (فعل وردة فعل) التي يكتبها في صفحة (مواسم) بجريدة الرأي نص سجال حدث بينه وبين أحد الشعراء الشباب المبدعين حول وجود خلل في وزن أحد أبيات الأخير، وبغض النظر عن صحة ادعاء اللغوي -وهو ناقد وكاتب مميز- من عدمه يؤكد لنا هذا السجال، وغيره من السجالات مع الشعراء الشباب الذين أتت نجوميتهم في مرحلة المجلات الشعبية، حساسيتهم المفرطة من أي نقد وأن وقعه شديد الإيلام على نفوسهم كما ذكرتُ في الأسبوع الماضي، ففي ذلك السجال تقرأ عبارات أصبحت مألوفة عند حدوث مثل هذه النقاشات مثل: أنت مُدع للنقد وحاقد أعماك الحقد، أو أنت كعامل النظافة الذي يتلقط الأشياء غير الجيدة فقط، أو أنت من الطفيليات وسيمنحك نقد أبياتي مساحة من الضوء..! في مثل هذه السجالات كثيرًا ما يستخدم الشاعر لغة حادة ومؤذية في مواجهة الناقد عوضا عن استخدام لغة التوضيح والتبرير والإقناع، كما أنه لا يكتفي برفض حكم الناقد وتفنيد المسائل التي أشار إليها إلا نادرًا، بل يلجأ لأسلوب القمع متمثلاً في تحجيم الناقد والتشكيك في إمكاناته وسلامة هدفه من النقد، أو يقوم بشتمه ووصفه بالشاعر "الفاشل" الذي لم ترتق به قدراته ليصبح شاعراً مُبدعًا فتفرّغ لمهاجمة الشعراء..! أعتقد أن صدور الشعراء الذين تكوّنت مواهبهم وصُقلت في مجالس الشعر، وكان لهم احتكاك طويل بالشعراء السابقين لهم، أرحب بكثير لتقبل النقد من أولئك الذين عزلتهم المجلات الشعبية عن سماع وقراءة النقد الحقيقي، لذا نجدهم لا يعترفون بالنقد إلا إذا تعرَض للجماليات التي توجد في أشعارهم ويعدونه هو النقد الحقيقي، أما ما سواه فهو نقد "هدّام" لا يصدُر إلا من شخص حاقد وطفيلي. مع أن الجمال لا يُمكن معرفته وتمييزه إلا بمعرفة ماهية القبح والإشارة إلى مواطنه. وربما يكون من المناسب نصيحة الشعراء ذوي الحساسية المفرطة في التعامل مع النقد بالاطلاع على سير رموز الشعر العربي والمعارك النقدية التي دارت حول نقد أخطائهم، وذلك لزيادة وعيهم بأن نقد خطأ في قصيدة الشاعر لا يعني بالضرورة تقليلاً من حجم موهبته أو نسفًا لتجربته الشعرية. أخيرًا يقول المبدع محمد علي السعيد: تبحر حكاياك وأسماعي مرافي في ليل عرض البحر والطول طوله كنت أسأل اشلون طعم الحكْي دافي أثرك "تضمّ" الكلام اللي تقوله