إذا كانت منتخبات هولندا خلال السبعينات قد استحقت لقب "الآلة البرتقالية" أو الطواحين، فإن المدرب الهولندي رينوس ميتشيلز هو الحرفي العبقري الذي كان يقوم بتشغيل هذه الآلة، فقد كان هذا الرجل قليل الكلام هو العقل المجدد الذي قدم للعالم "كرة القدم الشاملة" في أبهى صورها. قال ذات مباراة: "كرة القدم حرب" رددها كثيرا وزاد عليها: "الهجوم فقط خير وسيلة للدفاع واللعب الشامل هو مفتاح الفوز الكبير" .. يسجل التاريخ الكروي للهولندي الشهير رينوس ميشيلز أنه صاحب أعظم الاختراعات الفنية في مجال تدريب كرة القدم خطة "الكرة الشاملة" أو (4-3-3)، وإن كان المنتخب البرازيلي هو أول من لعب بتلك الخطة ولكن لم تكن بجمال الكرة الشاملة. طاف هذا الاختراع الفني العالم وطبق في مونديال 1970، وكان صاحب براءة الاختراع "مدرب القرن" رينوس ميشيلز. الخطة الجديدة آنذاك كانت تحمل مفاهيم جديدة مثل "مصيدة التسلل" و"اللعب الجماعي"، ثم انتقلت حمى هذه الخطة عبر أوروبا كلها ولتحتل عقول المدربين في العالم أجمع. أول نادي طبق هذه الخطة بشكل رسمي وقدمها إلى العالم كان نادي العاصمة الهولندية اياكس أمستردام، ونجحت نجاحا منقطع النظير فحقق نادي اياكس الدوري الهولندي بجدارة وبعد سنة أتبعه بلقب دوري أبطال أوروبا. ثم انتقلت هذه الخطة العجيبة حينها إلى نادي برشلونة الاسباني بعد انتقال ميشيلز لتدريبه، ولم يتوقف سحر هذه الخطة بل استمرت ليحقق برشلونة لقب الدوري الاسباني 1974 وكأس اسبانيا 1978، ومن الملحوظ أن الأسطورة الهولندي الشهير يوهان كرويف كان يلعب وقتها تحت قيادة ميشيلز. بعد ذلك انتقلت عدوى الخطة السحرية من برشلونة إلى المنتخب الهولندي بانتقال مبتكرها لتدريب الطواحين البرتقالية، ولم يخطئ ميشيلز فبعد تأهلهم للمرة الثانية لكأس العالم 1974 في ألمانيا بعد تصدره باستحقاق مجموعته، تأهلت هولندا لملاقاة الأرجنتين وخرج رجال رينوس منتصرين، وتوجهوا لملاقاة بطل العالم في النسخة السابقة منتخب البرازيل، ولكن الأخيرة أضيفت لقائمة الضحايا الهولندية. منتخب هولندا الذي قدم عروضا مبهرة جعلت العالم يشيد بالأداء الهولندي المميز توجه إلى النهائي ليواجه ألمانيا الغربية على اللقب الغالي لقب كأس العالم، افتتحت المباراة هولندا بهدف اللاعب يوهان نيسكنز ثم عادت ألمانيا الغربية بهدفين ليضيع اللقب الغالي على رجال ميشيلز، وكانت هذه آخر خسارة في الفترة الأولى لتولي ميشيلز تدريب الطواحين، وعاد إلى تدريبهم بعدها مرة أخرى بعد عشرة أعوام. في عام 1999م منح الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) منح ميشيلز لقب أفضل مدرب في القرن العشرين وقبل أن يعمل في مجال التدريب لعب ميشيلز 269 مباراة لاياكس أمستردام الهولندي في الأربعينات والخمسينات وخمس مباريات دولية لمنتخب هولندا، وأحرز 121 هدفا خلال وجوده في الملاعب. ونعى نجم منتخب هولندا السابق ماركو فان باستن مدربه السابق ميشيلز بعد وفاته في عام 2005م، ووصفه بأنه "أبو الكرة الهولندية". وقال فان باستن في بيان أصدره الاتحاد الهولندي لكرة القدم: "رحيل ميشيلز (أبو الكرة الهولندية) يعتبر خسارة كبيرة لكرة القدم العالمية، كان يتمتع بكل صفات المدرب المتميز". وقد لعب فان باستن الذي قاد منتخب بلاده تحت قيادة ميشلز للفوز بكأس الأمم الأوروبية في عام 1988. كما أشاد نجم منتخب هولندا السابق يوهان كرويف بميشيلز ووصفه بأنه معلمه قائلا: "دائما أعجبت بقيادته، لقد كان دوما واضحا فيما أراده وفيما توقعه منك". وكان كرويف ضمن تشكيل منتخب هولندا الذي خسر أمام نظيره الألماني الغربي بقيادة فرانز بكنباور في المباراة النهائية لكأس العالم عام 1974 والتي أقيمت في مدينة ميونيخ الألمانية، وأضاف كرويف: "لم أتعلم من أحد أكثر مما تعلمت منه كلاعب وكمدرب".