عندما تأخذ جولة عبر الإنترنت وتبحث عن سلع للبيع، تتفاجأ بوجود أسهم شركات مطروحة في سوق الأسهم معروضة بأسعار تقل عن سعرها المتداول، وكذلك تجد عروضا اخرى لبيع حديد شركة سابك، بالإضافة إلى بيع الذهب والفضة والعديد من السلع بأسماء مستعارة، مدعين بأن لديهم المستندات ويملكون الأحقية في البيع وفي الحقيقة أغلبهم « سماسرة» ينقلون المعلومة من غير مصدرها الحقيقي ويتبعون وكالة « قالوا « في ترويج السلع. تواصلنا مع أحد السماسرة ويدعى « أبو فهد» والكنية هنا هي سيدة الموقف، أغلبهم لا يفصحون عن أسمائهم الحقيقية، اتصلنا وهو يعرض أسهم البنك الأهلي التجاري للبيع، طلب منا كتابة خطاب مصدق من محام وموجه إلى شخص ما غير معروف، وبعد ذلك كتابة شيك مصدق من البنك بالعمولة، وسيحدد لنا موعدا مع البائع، إلا أن الحقيقة غير متاحة وجميع ما يتداول وهم وحلم بالثراء وسلسة من السماسرة كل لديه معلومة تختلف عن الآخر، من هذا المنطلق نادى مختصون بإنشاء جمعية تدرب الوسطاء والسماسرة على أساليب التسويق الحديثة. انعدام الرقابة بمواقع التواصل الاجتماعي على السلع والوسيط همه النسبة ورأى خبراء اقتصاديون أن العالم الافتراضي في مواقع التواصل الاجتماعي قفز على المواقع التي تسوق السلع، وحاليا أصبح «من هبَّ ودبَّ» مسوقا « سمسار» لسلع هامة مثل أسهم تابعة لشركات، أو الحديد، أو الذهب، والعقارات ما يشكل مشكلة تكمن في القيم السوقية الخاصة بالاقتصاد الوطني، الأمر الذي يتطلب برأي الاقتصاديين أهمية وجود «جمعية» تدرب وتشرف على الوسطاء العاملين في مجال التسويق بمواقع التواصل الاجتماعي، إذ قد يكونون وسطاء تابعين لشبكات ومواقع ثابتة، أو يعملون لحسابهم الخاص، كما ينقل وسطاء عادة معلومات تسويقية خاطئة لايعرف أي شيء عنها ووراءه شخص وسيط آخر نقلها له، وآخر نقل للذي قبله، ما يصنع دوامة غير مهنية بالمطلق. إنشاء جمعية تنظم شؤون التسويق بمواقع التواصل الاجتماعي وشدد «سعيد الخباز» – خبير اقتصادي، عضو المجلس المحلي سابقا بمحافظة القطيف- على أهمية وجود مرجعية تنظم العمليات التسويقية بمواقع التواصل الاجتماعي، مقترحا إنشاء جمعية قادرة على تدريب الوسطاء وضبط العملية التسويقية وفق رؤى وقوانين مدروسة. وقال: «لا بد من مرجعية يعود لها الزبائن، ويمكن أن تكون المرجعية لجنة في الغرف السعودية أو جمعية، وتكون هذه الجهة قابلة للمساءلة من قبل الزبون؛ ليحصل عن أجوبة خاصة بالمنتج الذي يقدم للزبون عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة عبر وسطاء، ونحبذ أن تكون هذه الجهات تساعد الزبائن في منحهم قوائم مصانع مسجلة وموثوقة، سواء في السلع السيادية مثل الذهب أو الحديد أو الفضة أو الإسمنت وغيرها». العنصر النسائي دخل وسيطاً في البيع وأضاف «هناك ما يعرف بالسماسرة يعرضون الحديد من بلدان بعيدة، بيد أن الوسيط قد لا يكون ثقة في العلمية، فحين يأخذ المال من الزبون قد يأتي بحديد أو أسمنت غير مطابق للمواصفات المطلوبة، عندها لن يتمكن الزبون من تحصيل حقه التعويضي، ومن هنا لا بد من وجود الجهة المرجعية التي تعود لها الزبائن للتأكد من تنظيم العملية»، مؤكدا أهمية تدريب السماسرة وتقديم الخبرات لهم كي يعملوا بشكل مهني مع الزبائن أثناء تقديم العروض. وتابع «إن تقديم العروض يتم في شبكات التواصل الاجتماعي بعيدا عن أعين الرقابة، ففي سلعة الحديد مثلا يتم الاتفاق وفق معايير محددة في الصفقات التجارية لكن ذلك قد لا يتحقق في الصفقة التي لا يكون فيها عقود قانونية». وأضاف «السمسار كل همه تحصيل نسبته من الصفقة، ما يوجب التدخل من قبل الجهة المرجعية المقترحة لضبط عملية الاتفاقات التي تحصل حاليا من دون تنظيم، ومن المهم أن يرجع للجهة المرجعية (الجمعية) لسؤالها عن المصنع الذي سيورد هل هو ينتج فعلا بالمواصفات التي تم طلبها في الصفقة القادمة، إذ لا بد من تشخيص دقيق في هذه المسألة». الجمعية تنظم الصفقات ورأى بأن إنشاء جمعية من شأنه أن ينظيم الصفقات التي تعقد في مواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة في السلع السيادية، فلا بد أن تخضع إلى سلسلة من الأمور، منها أن تكون استشاراتها مجانية، وبها أقسام يكون فيها موظفون أكفاء، فإن تعلق الأمر بقسم الإسمنت يراجع الزبون قسم الاسمنت للسؤال عن صفقته، كما أن من المهم أن توجد فيها رؤية لتدريب السماسرة وليحصلوا على بطاقات الجمعية. مشيرا إلى أن من المهم أن تلعب الجمعية دورا في حسابات المخاطر، ووضع آليات قانونية في عملية التسويق الالكترونية، وتابع «إن غياب الجمعيات أو المرجعيات في الغرف التجارية عن واقع العمل التسويقي بمواقع التواصل الاجتماعي من قبل السماسرة يخلف ضحايا»، مستدركا «يوجد بعض الأشخاص يسألون ويتمكنون من معرفة الخلل قبل الدفع، بيد أن كثيرا يكون ضحية»، مشيرا إلى أن البعض يجذبه السعر المنخفض، ما يعميه عن التفاصيل التي قد تسبب ضرره، مضيفا «بعض الصفقات تأتي على غير ما تم الاتفاق فيه، فنجد بعض الصفقات في الحديد غير جيدة، إذ يأتي وهو قديم وفيه الصدأ، وغير مدهون بعازل الصدا، في حين تم الاتفاق على أن يكون مطابقا لتلك الشروط، كما أن حجمه قد يكون يختلف»، مشيرا إلى أهمية العقود الرسمية في الصفقات، وهو ما لا يتم عادة في أمور التسويق الالكتروني. م. زكريا المزين سعيد الخباز انتشار عدم المهنية: وعن واقع التسويق الحالي في مواقع التواصل الاجتماعي قال: «إن عدم وجود تنظيم للعملية التسويقية في مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت، قد تأتي بكوارث في بعض السلع السيادية، مثل الإسمنت، أو أدوات البناء كالحديد وغيره، فالغش فيها يخلف عواقب وخيمة، وشهدنا ذلك في مدينة صفوى بمحافظة القطيف حين انهار مبنى. وتابع «إن البضاعة لا بد أن تكون مطابقة للمواصفات، وعلى الوسيط أن لا ينجر خلف الربح ويترك جوهر البضاعة»، مشيرا إلى أن هناك استغفالا وغشا كبيرا في هذه الجوانب من قبل وسطاء غير معتمدين في جهات موثوقة. ضرر شركات وشدد «سعد الهزازي» -مسوق دعاية وإعلان بإحدى الشركات- على أن أساليب السماسرة البعيدة عن الرقابة تؤدي لضرر بالغ بمصداقية الشركات، إذ أن هناك من يستغل أسماء شركات همها الوحيد المصداقية، بيد أن المنتجات التي تباع عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا تطابق مواصفات الشركة التي استغل اسمها من قبل السمسار»، مشيرا إلى أن ذلك مشهود في سلع كثيرة تسوق في مواقع التواصل الاجتماعي، وتابع «إن الجانب الأمثل يكمن في تنظيم هذه السوق عبر إنشاء جمعية مهتمة بهذا الجانب لئلا يتم استغلال الناس في نهاية المطاف»، مضيفا «نحن ندرك أن التسويق في مواقع التواصل الإلكتروني لا يخضع للرقابة كما في التسويق في الشركات المسجلة قانونا، وهذا أوجد سوقا لا تهتم بالمعايير المهنية في فن التسويق أو تقدم منتجات ذات جودة، وكل ما يهم الربح السريع. تسويق الفتيات واسع ورأى زكريا المزين –مهندس مشاريع- أن هناك تجارة إلكترونية واسعة، وأحيانا تقودها فتيات في مواقع التواصل الاجتماعي، وحين يشتري الرجل سلعة عبر الوسيطة قد لا تكون بنفس المواصفات ولا يستطيع أن يرجعها لأن لا محل معروفا للمسوقة، والتسليم يكون في الطريق أحيانا، إذ تأتي الوسيطة لتسلم البضاعة، الأمر الذي تتفق فيه «ليلى القحطاني» – زبونة-، إذ قالت: «أعجبني خاتم ذهب عبر مجموعة وتس أب وأرسل لي رقم الوسيطة واتصلت عليها، وحين جلبت الخاتم لم يكن مطابقا للصورة ولم يكن كله ذهب، بل كان جزء منه البلاتينيوم، فما دفعت السعر الخاص بالخاتم الأغلى ثمنا، ولم تعد الوسيطة ترد على الهاتف».