أتشرف بأن انتهز هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا جميعاً بأن أرفع إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء والمستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين وكافة أفراد الأسرة المالكة الكريمة وإخواني وأخواتي أبناء الشعب السعودي الوفي أسمى آيات التهاني والتبريك داعياً المولى عز وجل أن يعيد أمثالها على قيادتنا وبلادنا وشعبنا بالخير والسؤدد. إننا في هذه المناسبة المباركة نستذكر يوم عزيز علينا جميعاً قام فيه قائد عظيم مؤمن بربه ومعتمد عليه مسلح بإيمان راسخ، مستعيناً بعد الله بعدد من الرجال المخلصين بتوحيد هذا الكيان العظيم الذي كان يعاني من الشتات والفرقة والتخلف وتسوده الخلافات والنزاعات، بتوحيده تحت راية لا إله إلا الله محمداً رسول الله، فجمع الشتات وأرسى دعائم الأمن والاستقرار والتآلف لدولة عصرية أصبح يشار إليها اليوم بالبنان في الرقي والتطور، بفضل الله ثم بفضل هذا الجهد المبارك الذي قام به ذلك الرجل العظيم يرحمه الله الذي سيظل التاريخ يخلد ذكراه، وبفضل الجهود المخلصة التي قام بها من بعده أبناؤه البررة الملوك سعود، فيصل، خالد، فهد، وحتى العهد الزاهر الذي نعيش اليوم أبهى صوره في ظل خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد يحفظهم الله جميعاً، الذين سخروا أنفسهم لخدمة دينهم ثم بلدهم وأبنائه الأوفياء، فحولوا هذه الصحراء إلى واحات عصرية تضاهي ما وصلت إليه أرقى دول العالم، ولم يدخروا في سبيل ذلك جهدا ولم يوفروا غال أو نفيس إلا بذلوه. إنه لن يكون من الإنصاف أن نعدد في هذه العجالة الإنجازات التي تحققت في المملكة منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز طيب الله ثراه وحتى اليوم في مختلف المجالات، إلا أن أحداً لا ينكر أو يخفى عليه ما تعيشه بلادنا ولله الحمد والمنة من رخاء اقتصادي وأمن وأمان وتطور ملحوظ في كافة مناحي الحياة جعلها تتبوء مكانة دولية مرموقة، فأصبحت قبلة للدول وزعمائها يتجهون إليها إما لطلب المشورة والرأي أو العون والوساطة لثقتهم في قدرتها وحكمة قادتها وسياستها التي تهدف إلى خير البشرية جمعاء دون التفريق بين جنس أو لون أو دين، وما مبادرة خادم الحرمين التاريخية للحوار بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة والاهتمام العالمي بها الذي تمثل في عقد المؤتمرات الدولية حولها وعرضها في منظمة الأممالمتحدة، ومن ثم إنشاء مركز الملك عبدالله الدولي للحوار في فينا عاصمة النمسا إلا دليل على أهمية هذه المبادرة الإنسانية الكريمة واقتناع العالم بأهميتها وحكمة وحنكة من ورائها قائد هذه البلاد المباركة خادم الحرمين الشريفين أطال الله بقاءه. وعلى المستوى الاقتصادي الدولي فانضمام المملكة إلى مجموعة العشرين التي تمثل أقوى اقتصاديات العالم ومشاركتها الدائمة والمستمرة في مؤتمراتها واجتماعاتها ما هو إلا دليل على قوة المملكة الاقتصادية من ناحية وحكمة واعتدال سياستها الاقتصادية وثقة العالم فيها من ناحية أخرى وخاصة تلك السياسة المتعلقة بالبترول الذي يعد حالياً عصب الاقتصاد العالمي، حيث يعرف العالم تلك السياسة الحكيمة والمعتدلة والمتوازنة التي تراعي مصالح الدول المستهلكة مثلما تراعي مصالح الدول المنتجة والدور الحيوي والكبير الذي تلعبه المملكة داخل منظمة الأوبك لتحقيق هذا التوازن والحفاظ على أسعار البترول عند مستويات تحقق مصالح الطرفين المنتج والمستهلك، الأمر الذي أكسبها تقدير وثقة العالم وقياداته المختلفة، ناهيك عن المساعدات المالية والاقتصادية التي تقدمها المملكة للدول المحتاجة، حيث تعد المملكة من أكبر دول العالم تقديما للمساعدات مقارنة بدخلها الوطني، ووقوفها مع تلك الدول أثناء المحن والكوارث دون التفريق بين لون أو جنس أو دين وإنما كانت النظرة يغلب عليها دوما الطابع الإنساني الذي يسعى إلى خير البشر أينما وجدوا. وفي مجال الأمن العالمي كانت ولا زالت المملكة من الدول السباقة والداعمة والداعية إلى محاربة الارهاب والتطرف ونبذ العنف والكراهية ونشر السلام في كافة أرجاء الأرض، السلام الذي يدعو إليه ديننا الحنيف، وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد عقدت في المملكة العديد من المؤتمرات الدولية لهذا الغرض كالمؤتمر الدولي الذي احتضنته مدينة الرياض عام 2005م، ودعوة خادم الحرمين الشريفين لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأممالمتحدة، وتبرع المملكة مؤخراً بمبلغ 100 مليون دولار امريكي لهذا المركز، الى غير ذلك من الجهود التي يشيد بها العالم. وعلى المستوى الداخلي فقد تحققت في بلادي بفضل الله العديد من الإنجازات التي تتحدث عن نفسها وتظهرها الحقائق والأرقام وليس القول، ففي المجال الأمني نرى ولله الحمد بلادنا تنعم بأمن وأمان لا مثيل له في وسط عالم قلق وأوضاع مأساوية في العديد من دول العالم بفضل الله ثم بفضل القيادة والسياسة الحكيمة والمدروسة لقيادتنا الرشيدة والتي جعلت من المملكة واحة أمن وأمان واستقرار فلله الحمد والمنة. وفي مجال التعليم وإدراكا من ولاة أمرنا يحفظهم الله وإيمانهم بأن الاستثمار في الإنسان السعودي هو حجر الزاوية في تقدمنا ورقينا، فقد جعلوا الاهتمام به وبتعليمه وتثقيفه في أولويات الاهتمام، حيث خطت المملكة خطوات جبارة في هذا المجال حيث ضاعفت عدد المدارس والجامعات والمعاهد العلمية المختلفة في شتى مناطق المملكة تلك الصروح التي تضاهي مثيلاتها في دول العالم المتقدمة، وتمت زيادة أعداد الطلاب والطالبات المبتعثين للدراسة في الخارج والذين تم إلحاقهم بأفضل الجامعات في دول العام المتقدم شرقاً وغرباً وفق برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي والذي يزيد عدد طلابه حالياً عن مئة وثلاثون ألف طالب، تتطلع المملكة لعودتهم إلى بلدهم بعد إكمال دراستهم حاملين الشهادات ومكتسبين المعرفة والخبرة التي تؤهلهم لمشاركة إخوانهم من أبناء هذا الوطن الغالي في مواصلة مسيرة الخير والبناء والنماء. وفي إطار اهتمام الدولة بمواطنيها وحرصاً منها على رعايتهم شهد القطاع الصحي بالمملكة قفزات نوعية وكمية كبيرة خلال السنوات الأخيرة فتضاعف عدد المستشفيات والمؤسسات الطبية التي يعمل بها العديد من أبناء هذا الوطن من أطباء وفنيين وغيرهم وصارت المملكة مقصدا للعديد من مواطني دول العالم وحتى الدول المتقدمة في أوروبا وغيرها الذين يأتون للمملكة لتلقي العلاج لثقتهم فيما وصلت إليه الخدمات الطبية والطبيب السعودي بشكل خاص من تقدم وتطور. وفي نهاية تصريحي أرفع اكف الضراعة إلى الله العلي القدير أن يديم على بلادنا أمنها وأمانها ورخائها واستقرارها ولحمتها في ظل قيادتها المخلصة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين وسمو ولي ولي العهد يحفظهم الله، وأن يديم رايتها مرفوعة وشامخة أبد الدهر وأن يوفقنا جميعا مواطنين ومسؤولين للقيام بواجبنا في خدمة ديننا ومليكنا ووطننا. * سفير خادم الحرمين الشريفين في سويسرا