في توحيد المملكة العربية السعودية على يد الإمام المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود –رحمه الله- بدأ الدور الثالث للدولة السعودية، فاجتمع الناس إليه بعد فرقة، في دولة أطرافها مترامية، وتركيبتها السكانية ما بين بادية وحاضرة، وجمع الله بهذا الإمام إمارات متناحرة، فتوحدت في دولة على التقوى تأسست، دستورها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، فأمن الناس فيها بعد خوف، ورغد عيشهم بعد جوع، وساد العدل بعد فشو الظلم، فحكمت بالشريعة الإسلامية، وما زلنا نسعد بأفضال الله علينا فيها، فنحن جماعة واحدة لا جماعات. وفي توحيد المملكة على يد الإمام عبدالعزيز، انتصار للسنة، ودفاع عنها، ودعوة إليها، فالتفتت إليها أنظار المسلمين، وقد مدت إليهم يد العون في كل مكان، فأنشأت المساجد والمراكز الإسلامية، وبعثت الدعاة للدعوة إلى الله، كما أنها لا تتوانى في مد يدها للمعوزين، إما بجسور إغاثة جوية، أو إعانات مالية. أما عن خدمتها للحرمين الشريفين، فالأبصار خير شاهد على الانجازات العظيمة في إعمارهما وتوسعتهما، والعمل قائم الآن على أعظم توسعة لهما على مر التاريخ، الذي سيؤرخ للأجيال القادمة تأريخاً مشرفاً للدولة السعودية. ومن فضائل هذه البلاد تأسيسها أكبر مطبعة في العالم للمصحف الشريف، مع طبع معاني كلمات القرآن بلغات كثيرة، وتتولى توزيعه مجاناً، كما طبعت مؤخراً المصحف الشريف بلغة برايل، وتوزعه مجاناً على المكفوفين، في عناية فائقة بكتاب الله، ندر نظيرها. إن الدولة السعودية لم تصل إلى ما وصلت إليه، إلا بتمسكها بالعقيدة الإسلامية وبالدعوة إليها، فلا للأضرحة، ولا للقباب على القبور، ولا للمزارات، في تميز فريد خصها الله به. كما إن الإمام المؤسس قرب العلماء وعرف مكانتهم، وقدر رأيهم في السياسة الداخلية والخارجية، وكذلك سار أبناؤه الملوك بعده، وهم: سعود وفيصل وخالد وفهد وخادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز -حفظهم الله- فأولوا العلماء عنايتهم، ويستشيرونهم. ودولتنا المملكة العربية السعودية على كثرة حسناتها، لا تسلم من نقص وتقصير، فالناصح من نصح بالرفق واللين والتواصل فيما بينه وبين ولاة الأمر، ومن الواجب علينا شكر الله على ما نحن فيه من نعم، وأسأل الله أن يزيدنا منها، وأن يحفظ علينا ديننا ووطننا وولاة الأمر والعلماء، ونسأل الله أن يزيد بلدنا أمناً إلى أمنه، وقوة إلى قوته، وأن يجمع به كلمة المسلمين على الحق.