تزايدت احتمالات تكرار أزمة ارتفاع أجور العمالة المنزلية في السوق المحلي لتشمل عمالة منشآت القطاع الخاص بعد قيام الهند مؤخرا برفع الحد الأدنى لأجر عمالتها العادية غير الماهرة المستقدمة للمملكة لتبلغ ألفاً وخمس مئة ريال كأجر شهري أساسي. كما رفعت الهند كذلك الحد الأدنى لأجور بقية عمالتها الماهرة وألزمت صاحب العمل بتوفير وجبات الطعام والنقل والسكن، كما صاغت عقد عمل موحد تعتزم تطبيقه على عمالة منشآت القطاع الخاص يحتوي على العديد من الشروط المجحفة بملاك المنشآت بالمملكة. وستمهد هذه الشروط من قبل الهند الطريق لقيام الدول الأخرى المصدرة للعمالة لاتخاذها إجراءات مماثلة سينتج عنها رفع أجور العمالة الوافدة بالمملكة بشكل كبير مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات التي يقدمها القطاع الخاص، وبالتالي زيادة تكاليف المعيشة على المواطنين وزيادة تكلفة المشاريع الحكومية. المملكة تدرس اتخاذ إجراءات مضادة لتجنب استغلال قطاع الأعمال المحلي بدوره أوضح ل"الرياض" المهندس منصور بن عبدالله الشثري رئيس اللجنة السعودية لسوق العمل بمجلس الغرف السعودية انه تم تشكيل فريق عمل لرصد كافة ما يصدر من تجمع دول إعلان كولمبو المكون من إحدى عشرة دولة مرسلة للعمالة منها الهندوالفلبين وبنجلادش وباكستان وسيرلانكا واندونيسيا ونيبال وتايلند وفيتنام والصين وافغانستان والتي تقوم منذ عام 2003 بعقد اجتماعات دورية لتنسيق المواقف تجاه دول الخليج وخصوصا المملكة بصفتها اكبر الدول المستقبلة للعمالة. مشيرا بان فريق العمل يعكف حاليا على دراسة القرارات والإجراءات الصادرة من تلك الدول ومدى تطابقها مع معايير منظمة العمل الدولية والأنظمة الدبلوماسية، لافتا إلى أن قرار هذه الدول بتحديد حد أدنى لأجور عمالتها المرسلة للمملكة يعتبر قرارا مخالفا لمعايير منظمة العمل الدولية لأنه سيؤدي إلى تمييز بين أجور العمالة في المملكة حسب الجنسية. وفي ظل هذه المستجدات أكد الشثري أن لجنة سوق العمل ستعقد اجتماعا طارئا بعد انتهاء فريق العمل من دراسة كافة الخيارات لاتخاذ إجراءات مضادة لتجنب استغلال قطاع الأعمال السعودي خصوصا انه اكبر سوق مستقبل للعمالة من تلك الدول. زيارة مندوبي السفارات للمنشآت ومساكن العمال يعتبر إجراءً خارجاً عن القواعد والأعراف وقال إن المملكة استقبلت في عام 2012م أكثر من 357 الف عامل هندي وبقية دول الخليج أكثر من 364 الف عامل من إجمالي 747 ألف عامل غادروا الهند للعمل، أي ان دول الخليج تستقبل اكثر من 96% من العمالة الهندية المرسلة. فيما قامت المملكة خلال نفس العام باستقدام أكثر من 330 ألف عامل فلبيني فيما تستقدم بقية دول مجلس التعاون أكثر من 461 ألف عامل من اصل مليون وأربع مئة وخمسة وثلاثين ألف عامل غادروا الفلبين، أي ان دول الخليج تستقبل ما نسبته 55% من العمالة الفلبينية المرسلة. وذكر الشثري في هذا الخصوص انه تم رصد قيام بعض تلك الدول باتخاذ قرارات زيادة سنوية للأجور ووضع حد أدنى لأجور عمالتها المرسلة للمملكة تزيد كثيراً عما تحدده في أجور العمالة التي ترسل إلى دول أخرى، ومنها دول مجلس التعاون الخليجي التي تزيد فيها تكاليف المعيشة بكثير عن المملكة، وتستقدم أعداد اقل بكثير من المملكة. وأكد أن هذه الممارسات تعطي دلالة بأن تلك الدول المرسلة للعمالة تعطي تمييزاً سلبياً للمملكة لا يتماشى مع مستويات العمل الدولية والأعراف الدبلوماسية والاقتصادية في الوقت الذي ألزم النظام في المملكة صاحب العمل بتحمل كافة تكاليف الاستقدام والرسوم والغرامات عن العامل الوافد وساوى النظام بين العامل السعودي والوافد في الحقوق والواجبات ولم يميز بينهما. وأوضح الشثري أن احد المسؤولين في احد الدول برر ذلك التمييز السلبي للمملكة بحجم المشاريع الضخمة الجاري تنفيذها في المملكة، والتي ليس لها نظير في بقية الدول واحتياجها الكبير للعمالة. وأضاف الشثري أن تلك الدول حينما تقوم بإجراء الزيادة لا تسبقها إشعارات بموعد التطبيق، مما يخل بتقديرات وحسابات التكاليف للمنشآت بالمملكة، فضلاً أن الزيادة في الأجور لا تكون مبررة وكنتيجة لتحسين في مستوى المهارة أو ضمان في الانضباط في العمل. وبين أن سعي بعض تلك الدول إلى تضمين عقود العمل للالتزامات خارج إطار العلاقة العمالية المؤطرة بنظام العمل في المملكة وكذلك سعيها للسماح لمندوبي سفاراتها بزيارة المنشآت أو مساكن العمال يعتبر إجراء يخرج عن القواعد والأعراف الدبلوماسية. وتابع بأن هذه المستجدات تأتي بعد ان ترددت أنباء عن قيام بعض النقابات العمالية في تلك الدول، بتحريض المنظمات الدولية باتهامات تعرض عمالتها لظروف عمل غير صحية في المملكة، سعيا منها للضغط على أصحاب العمل لتحقيق اكبر مكاسب لعمالتها بالمملكة، متجاهلين أن استغلال العمالة يحدث في بلدانهم قبل قدومهم للمملكة عبر إلزامهم بدفع مبالغ طائلة لمكاتب تسفير العمالة نظير استكمال إجراءات سفرهم لدول الخليج. وعن تحديد مستويات الأجور، أوضح الشثري انه لا يفضل تدخل وزارة العمل في تحديد مستويات الأجور للعمالة المستقدمة للمملكة، وان تترك لعملية العرض والطلب خصوصا وان وزارة العمل سمحت لقطاع الأعمال بالاستقدام من أكثر من مائتين دولة. وحث الشثري رجال الأعمال على تنويع مصادر استقدام عمالتهم، وعدم الاعتماد على دولتين أو ثلاث حتى لا تتأثر أعمالهم نتيجة حدوث اضطرابات أو خلافات سياسية أو ارتفاع مستوى التضخم فيها ينعكس على ارتفاع أجور عمالتها.