يرى الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي ان الإبداع يكتسب اهميته من قيمته الفنية فقط لا من القضية التي يستخدمها مادة له مشيرا الى ان كثيرا من الشعر العربي الذي اعتمد على تبني القضايا الكبرى وخلا من الموهبة الحقيقية سقط في اختبار الزمن ولم يعد يتذكره احد. ورفض البرغوثي في مقابلة مع رويترز ان يظل الإبداع العربي خاضعا «لتقسيمات سايكس بيكو» في اشارة الى التقسيمات الاستعمارية الإنجليزية الفرنسية لجغرافيا العالم العربي ابان الحرب العالمية الاولى. وأضاف انه «يجب الا نحب الشعر لأن كاتبه فلسطيني او مغربي فالأهم ان نحبه وفقا للقيمة الأدبية الكامنة في القصيدة. ليس حراما ان نكتب شعرا سياسيا بشرط ان يكون جميلا ومؤثرا خارج محيطه الزماني والمكاني. لانزال نطرب لقصائد المتنبي وأبي تمام ولم يسأل احد عن جنسية هذا او ذاك».وقال ان الشعر الذي يستخدم الوطن او الانتفاضة وهو خال من الموهبة يؤذي المادح والممدوح مشيرا الى ان «الشعر الحقيقي يخدم الوطن بطريقة واحدة هي ان يكون جميلا ومقنعا وصادقا وقابلا للقراءة والإمتاع الفني في زمان ومكان آخرين». وأوضح ان الشعراء الفلسطينيين «معنيون بالمصير الإنساني فرديا او جماعيا. (نحن) معنيون بأنفسنا وبالهم الإنساني عموما ولسنا دبابة في منظمة التحرير (الفلسطينية) يقال لنا ادخلوا المرآب فندخل. لسنا جنودا برتبة شاعر او رسام او مغن». وتسلم البرغوثي يوم 27 ديسمبر كانون الثاني الماضي جائزة فلسطين للشعر من رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع في حفل بقصر ثقافة رام الله بالضفة الغربية من مجمل مسيرته الشعرية مع التنويه بديوانه (الناس في ليلهم).وجاء في الهدية التذكارية للجائزة التي كانت آخر ما وقعه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ان قصائد البرغوثي «المحكمة البناء تواصل بحثها الجمالي الخاص عن البسيط الإنساني المحاصر بوطأة الواقع والأسطورة». ويقول البرغوثي في مقدمة احدى قصائد الديوان وعنوانها (الأسلاف). «لا يعقل ان اطلب من اسلافي الموتى (ان يعرفوا ماذا جرى لي بعدهم) ولا ان يخوضوا حروبي (ولا ان يخرجوني من ورطتي) لكن اسلافي الموتى يطلبون مني ان اعرف ماذا جرى لهم (وأن اخوض حروبهم) وأن اخرجهم من ورطتهم».