أكد المحلل السياسي والباحث في شؤون الجماعات الإرهابية حمود الزيادي العتيبي أن المملكة تواجه استهدافا من الجماعات الإرهابية وتحديداً "داعش" و"النصرة" وذلك بعد أن أعلنت وزارة الداخلية أمس الثلاثاء عن تمكنها من إلقاء القبض على 88 شخصاً من الفئة الضالة ينتمون لعدد من الخلايا الإرهابية المتفرقة التي كانت على وشك تنفيذ عمليات إرهابية وخططوا لاغتيال عدد من الشخصيات المعروفة. حالة من الوجوم والصدمة رصدت على أتباع «داعش» بعد الإعلان عن العملية الأمنية وأشار الزيادي العتيبي إلى أن استهداف المملكة من قبل تلك الجماعات الإرهابية أمر يتأكد يوماً بعد يوم عبر الجهود التي تقوم بها وزارة الداخلية في تفكيك مثل هذه الخلايا والشبكات، ما يعني أن الخطر قائم في ظل حالة تنامي الإرهاب في المنطقة الذي يستفيد من المشكلات السياسية العميقة في الإقليم، وبالتالي ينعكس هذا الأمر على المملكة عبر استغلال الشباب والزج بهم إلى هذه التنظيمات، أو محاولة التواصل معهم عبر تلك التنظيمات الإرهابية وتجنيدهم للقيام بأعمال تخريبية تهز الأمن السعودي. وأضاف الزيادي الباحث في شؤون الإرهاب أن العمل الاستباقي الذي قامت به وزارة الداخلية يدل على احترافيتها وتمكنها، حيث استطاع هذا الجهاز خلال العشر السنوات الماضية أن يجابه أكبر تنظيمين إرهابيين نشئا خلال الثلاثين سنة الماضية، حيث نجح جهاز الأمن السعودي تفكيك نظام القاعدة من الداخل السعودي وتطارد بقاياه ليلجأ إلى فرعه في اليمن، كما ساعدت دول عالمية أخرى في الحماية من أعمال إرهابية كبرى في الولاياتالمتحدة وأوروبا، عبر الوصول إلى معلومات مهمة ساهمت في الحيلولة دون وقوعها، ما يدل على موقف أخلاقي سعودي لحماية المجتمع الدولي من هذا الضرر. معتبراً أن تراكم الخبرة لدى جهاز الأمن السعودي ساهم أيضاً قبل ثلاثة أشهر في تفكيك شبكة ارتبط أكثر عناصرها مع "داعش"، إضافة لعمل الأمن الذي أعلنت عنه الداخلية بالأمس، مشيراً إلى الصدمة والإحباط اللذين رصدهما شخصياً عبر شبكات التواصل الاجتماعي للمتعاطفين وأتباع تنظيم "داعش" الإرهابي، مؤكداً رصده لحالة من الوجوم والصدمة نتيجة نجاح القوات السعودية في تفكيك هذه الشبكة، التي كان يستهدف من ورائها أمورا كبرى، خاصة حين إشارتهم لمحاولة استهداف ضباط الأمن بشكل متكرر وكثير من القيادات المسئولة، لمحاولة تقديم أنفسهم بأنهم قادرون على اختراق وضرب الأمن السعودي. ونوه الزيادي العتيبي إلى أن أهداف عناصر الفئة الضالة المقبوض عليهم إحداث خلل أمني، وتشكيك الناس في فعالية وقوة وتحصين الأمن السعودي، وكانوا يعملون على ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي للحشد والتحريض منذ رمضان الماضي بشكل مركز، ووضعوا كثيراً من الهاشتاقات التي تحدد العديد من القطاعات الأمنية من مباحث أو جهاز الأمن العام وحتى شخصيات نافذة في الدولة لاستهدافها. وأشار بعضهم إلى أمكانية تمرير بعض المواد السامة التي قد يتم الاستفادة منها في تنفيذ عمليات اغتيال لأي شخصية مستهدفة، وهذا مماثل لما كان يخطط له تنظيم القاعدة، ما يوضح أن الوسائل والأهداف واحدة لكن التكتيكات والسبل تختلف، ما يدعو إلى ضرورة المزيد من الحذر واليقظة والاهتمام، والمبادرة في التبليغ كما حدث من بعض أولياء الأمور قبل أسبوع في تمير. وأشار حمود الزيادي المحلل السياسي إلى العملية الأخيرة تقود إلى التأكيد أن الجهاز الأمني السعودي تقوم بأدوار كبرى، لكنها حتى الآن تبقى تصارع وحيدة أمام فكر متطرف بلا مساندة من مؤسسات المجتمع الأخرى، التي لا تقوم بدورها الإيجابي الذي يوازي الفعالية الأمنية للحيلولة دون انخراط عناصر جديدة، أو المساهمة في إخراج العناصر السابقة التي قضت محكوميتها أو كانت لها ارتباطات بتلك التنظيمات أو العناصر أو الخلايا لإخراجها من هذه الدائرة. مضيفاً أن الدائرة العائلية هي دائرة ملاحظة في الحشد والتأييد والتجنيد لهذا الفكر الضال، فلابد من الذهاب لتلك الأسر ومحاولة فك بؤر التطرف داخل الأسرة، لمعالجة تلك الأزمة الفكرية التي تجعل من الذي لم يقع حتى الآن في التطرف قابل بحكم التأثير الأسري أن يكون عنصراً متطرفاً، وبالتالي يزج به إلى مواطن الهلاك، وهذا ما أشار له اللواء منصور التركي المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية، حين أعلن أن بعض أولياء الأمور يرسل أبناءه إلى الخارج، ثم يقوم بتحريض الآخرين على الفعل نفسه، ما يؤكد خطورة الدائرة العائلية وتأثيرها في الحشد والتأييد، ما يتطلب أساليب جديدة في معالجة أسباب التطرف وتفكيك جذوره. واختتم الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية حمود الزيادي العتيبي حديثه بالإشارة إلى ضرورة مراجعة الخطاب الديني، مشيراً إلى بيان سماحة المفتي عبدالعزيز آل الشيخ قبل أسبوع أو أكثر، حينما أكد في خطاب جميل ولافت على الثوابت الوطنية والدينية والروح المتسامحة واللغة الوسطية، مضيفاً أنه لابد أن يكون خطاب سماحة المفتي محفزاً لوضع خطة وطنية لتفكيك بنية التطرف في المجتمع.