إن عدم وجود بدائل استثمارية مجدية وجاذبة تسبب في توجه السيولة إلى العقار والأسهم، فقد ساهمت السيولة العالية التي تم ضخها في رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه حيث وصلت إلى مستويات عالية جداً، فأصبح العائد على العقار غير مجد في الفترة الحالية، ويخشى البعض من أن يكون هنالك هبوط في الأسعار وخصوصاً مع توارد أنباء عن قرب فرض رسوم على الأراضي البيضاء. اما سوق الأسهم فهو أكثر جاذبية هذه الفترة مع السماح بدخول المستثمر الأجنبي، ومع هذا قد يصل السوق إلى ارتفاعات عالية بسبب الضخ المالي العالي، حتى يصل إلى مرحلة يكون الاستثمار فيه ذا مخاطر عالية، وربما نرى انهيارات سعرية في قيم الشركات وخصوصاً شركات المضاربة. إذاً ماهي الطريقة المثلى لتوجيه السيولة لقطاعات استثمارية آمنه ومجدية ؟ إن قطاع الصناعة يعد ملاذاً آمناً لتنمية رؤوس الأموال مع خلق فرص وظيفية تساهم في خفض البطالة ورفع معدلات الدخل القومي، لقد حقق القطاع الصناعي حتى نهاية عام 2013م زيادة في عدد المصانع حيث بلغت حوالي 6471 مصنعاً، ولكن الحقيقة أن المصانع الكبيرة لا تمثل إلا نسبة ضئيلة منها فأغلب المصانع صغيرة وإنتاجها محدود، وتفتقد إلى الكثير من مقومات النجاح، نحن بحاجة إلى وضع استراتيجية حكومية على مستوى عال تهدف إلى بناء منظومة صناعية تنافس الصناعات العالمية وتشجع المستثمرين لإنشاء المصانع الكبرى التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة في الإنتاج من خلال الدخول في شراكات مع مصانع عالمية وتعزيز القدرات التقنية للصناعة الوطنية من خلال استجلاب أحدث المعدات والتقنيات الحديثة وتذليل كافة العقبات التى تقف حجر عثرة في بناء تلك المصانع وتساهم الدولة بمبادرات تشجيعية من خلال الدخول في هذه الأستثمارات عبر صناديقها السيادية وتطوير المدن الصناعية واستخدام التقنيات العالية والاهتمام بتطوير الصناعات التي ترتكز على الموارد التي تتمتع فيها المملكة بمزايا نسبية، وإعطاء حوافز لتشجيع المصدرين المحليين، مع تسهيل إجراءات التصدير والتعريف بالمنتجات السعودية في الأسواق العالمية من خلال الاشتراك في المنتديات والمؤتمرات والمعارض الصناعية كذلك تنشيط دور المؤسسات المتخصصة في التمويل من خلال زيادة تمويلها للمشاريع الصناعية التي تعمل على زيادة القيمة المضافة للاقتصاد مع توجيه هذا التمويل نحو أنشطة صناعية ذات مردود إيجابي على الاقتصاد الوطني وتحسين الأنشطة التسويقية والإعلامية لدى المصانع السعودية، وتعزيز الشعور بالمواطنة من أجل كسب ثقة المستهلك الوطني في منتجاته المحلية وفي صناعته الوطنية لتشجيع تطور الصناعات التحويلية مع حماية المنتجين المحليين من سياسات الإغراق التي يتبعها بعض المصدرين الأجانب وأيضاً حماية المنتجين المحليين من سياسات الإغراق ودراسة التجارب الدولية في مجال مكافحة الإغراق والخطوات التي تتبعها الدول في سبيل حماية منتجاتها المحلية سواء كانت طرقًا دبلوماسية أو حمائية. إن هذا هو الاستثمار الآمن الذي يجب أن تتحول إليه رؤوس الأموال لكي نبني تنمية مستدامة للوطن.