مع اقتراب موعد نهاية الإجازة وبدء العام الدراسي الجديد بدأت طلائع المسافرين تعود إلى أوكارها في مدنهم وقراهم، وفي جعبة الكثير منهم حكاية أو موقف من تلك التي يمكن أن يمر بها أي مسافر؛ إما عن طريق الصدفة، أو نتيجة التفريط والتهاون.. بعضها موجع وبعضها ظريف، وأخرى كانت مزيجا من هذا وذك، لكن أخطرها ما كادت أن توقع أصحابها تحت طائلة الاتهام وتعرضهم للتحقيق إن لم تكن عرضتهم بالفعل، خصوصاً ما حصل منها عند منافذ بعض الدول المجاورة، لكن جل هذه النوعية من الحوادث هي في النهاية ليست إلاّ تجارب وصفعات، وإن كانت موجعة أحياناً إلاّ أن ضحاياها تعلموا منها الكثير ونقلوها لمن حولهم على شكل قوالب من الحكايات الظريفة في المجالس، وهي تحمل في مضمونها دروساً وعبراً يمكن للسامع تجنب وتدارك مسبباتها، واستخلاص الفائدة منها على الصفة التي سنقرؤها. سلاح في المنفذ هذا "أبو راجح" استعار سيارة شقيقة وسافر بها ترافقه زوجته وطفله الرضيع؛ لتقديم واجب العزاء لأحد أقاربه في دولة خليجية مجاورة، وأثناء عودته عند المنفذ الحدودي السعودي ضُبط معه داخل درج السيارة (مسدس وعدد من الطلقات) كانت لشقيقه صاحب السيارة، واتصل بشقيقه الذي طمأنه أن السلاح مصرح به ويحمل ترخيصا رسميا، وأنه قادم إلى المنفذ لإحضار الترخيص واستلامه؛ مما سبب له الموقف إزعاجاً وأخّر موعد عودته، وكان سيتعرّض للتوقيف والمحاكمة ومصادرة السلاح، فيما لو تم العثور عليه عند منفذ الدولة الخليجية التي يمنع نظامها منعاً باتاً دخول الأسلحة من أي نوع حتى وهي تحمل ترخيصاً رسمياً كما هي الحال في هذه الحادثة، وعندما استفسر على أثر هذه الحادثة علم أن كثيرين مرّوا بالموقف نفسه وعلى هذه الصفة في دول مجاورة؛ فتم مصادرة السلاح مع دفع غرامة وتسجيلها كسابقة. مشروبات كحولية! أما "حسن أبو وسام" -إمام جامع- ورجل يظهر عليه مظهر التدين والوقار؛ فقد كان عائداً من ماليزيا مع زوجتيه أم أولاده وعروس جديدة وبعض أبنائه مع (عاملتهم المنزلية)، وكانت رحلة العودة "ترانزيت" توقفوا خلالها ليوم وليلة في إحدى العواصم الخليجية المجاورة، وأثناء وصولهم مطار الدمام في اليوم التالي تفاجأ بمسؤول التفتيش يعيد تحريك وتقليب إحدى الحقائب من خلال جهاز الفحص بالأشعة، وعندما فتح الحقيبة أمامه كانت المفاجأة الصاعقة وهو يعثر داخلها وفي أحد الاكياس على مجموعة من العلب ومن بينها علب وزجاجات لمشروبات كحولية ممنوعة، حيث جمعتها الخادمة من ثلاجة الفندق بحسن نية قبل المغادرة بوقت (هذه الطريقة متبعة في بعض الفنادق التي تعبأ ثلاجات الغرف بأنواع من مشروبات وحلويات تباع مضاعفة وتجرد عند المغادرة)، وعندما مرّت الفاتورة على الزوجة الجديدة التي كان قد سلمها البطاقات البنكية لتتولى عملية الصرف كونها الأكثر تعلماً لم تدقق في القائمة. يقول "أبو وسام" سألني مسؤول التفتيش وهو غير مصدق فتبلم لساني من هول المفاجأة، واستدرت إلى الخادمة وعرفت من وجهها أنها هي السبب، وأخذت القضية إجراءاتها الرسمية وكنت في موقف لا أُحسد عليه. المواقف تبدأ من صالة السفر ولا تستثني النساء في كل الظروف بطاقة الصرّاف الأستاذ "تركي" خرج من القصيم متوجهاً لمكة عبر طريق الطائف، وعندما وصل بلدة ضرية أنزل أسرته في أحد المطاعم لتناول طعام العشاء، وتوجه لإحدى مكائن الصرافة بعدما اكتشف متأخراً أنه لا يحمل في جيبة ريالاً واحداً، وتفاجأ بالمكينة تبتلع بطاقته ليواجه مصيره في مكان لا يعرف فيه أحداً، وغداً وبعد غدٍ تصادف عطلة نهاية الأسبوع واغلاق البنوك أبوابها وبنزين سيارته على وشك النفاد؛ فعاد إلى أسرته واستطاع أن يقنع صاحب المطعم، بل انه اقترض منه خمسين ريالاً قيمة تعبئة بنزين سيارته، ثم قفل عائداً من مكانه إلى القصيم. يقول "تركي" إن الحادثة اعطته درساً لمستقبل أيامه لا يمكن فيه أن يتحرك خصوصاً في سفره إلاّ وقد أمّن نفسه بمبلغ كافٍ من المال، وأن لا يلجأ إلى صرافات الطرق النائية، خصوصاً أيام عطل البنوك إلاّ ومعه في جيبه ما يكفيه. السيارة ضاعت! "محمد" كان عائداً مع عروسته من شهر العسل الذي قضاه في غردقة مصر، وقد ترك سيارته في مطار الملك خالد بالرياض، وقبل مغادرته حاول حفظ رقم الموقف وربطه ببعض ما حوله من علامات، أهمها أنه قريب من المدخل الرئيس، لكنه وهو يدفع عربة العفش في عودته لم يجد سيارته في مكانها.. بحث عنها هنا وهناك، وحاول الاستعانة ببعض الموجودين من المسافرين وأركبه أحدهم ولف به الموقف كاملاً، وبعد نحو ساعتين أو ثلاث ذهب لتقديم بلاغ فسأله رجل الأمن في أي المواقف؟، وهو السؤال الذي أيقظه كما يقول، وكشف له أن هناك مواقف علوية وسفلية وانه بالفعل كان يبحث في الموقف الذي لا توجد به سيارته ثم رافقه رجل الأمن حتى عثر معه على سيارته في المكان الآخر. هروب الخادمة "حمود الصالحي" كان قد سافر منتصف شعبان الماضي مع أسرته إلى جدة وكان قد رتب برنامج الرحلة، وعمل حجوزات مسبقه لفنادق وشاليهات في بعض مدن الساحل الغربي ينبع وأملج وضبا تراوحت بين اليومين إلى الثلاثة، بعضها يشترط الدفع المسبق، وكانت الأمور ستسير وفق ما كان مرتباً لها لولا أن الخادمة المستقدمة منذ بضعة أشهر قد هربت واختفت بعد أن استولت على بعض أشيائهم، بما فيها مصوغات ذهبية لصغيرات انتزعت بعضه منهن أثناء النوم؛ فاضطر إلى الانتظار حتى يوم الأحد لتقديم بلاغ رسمي والتبليغ عن هروبها. سحب السيارة كاتبكم تعرض هو الآخر لموقفين مختلفين ومتقاربين في مكةالمكرمة -لا يمنع أن أعرضهما للفائدة- الأول عندما سُحبت سيارته مسافة تقدر بثلاث كيلو مترات جراً على إطارين من الخلف إلى مكان الحجز، وعندما عثر عليها وغُرّم قيمة الونش 50 ريالاً اكتشف أن طريقة السحب البدائية أحدثت عطلاً في نظام الهيدروليك كلّف إصلاحه حوالي أحد عشر ألف ريال، وعندما راجع المرور أفهمه أنه لا يملك حق المطالبة بعد خروج السيارة من الحجز حتى لو كان نوع العطل لا يُكتشف إلاّ أثناء سيرها على الطريق، وكان المكان الذي أُوقفت فيه السيارة قرب الحرم لا يوجد عنده لوحات (ممنوع الوقوف)، ولكننا علمنا لاحقاً من بعض أصحاب المحال أن لوحات (ممنوع الوقوف) موجودة بالفعل، ولكن هناك من أزالها لمصالح مادية!. اختفاء مفتاح السيارة الحادثة الأخرى مع نهايات الربيع الفائت وفي مكةالمكرمة أيضاً أوقف سيارته داخل مكة على ناصية الطريق المتجه للطائف، حيث سيواصل سفره إلى هناك للحاق ببعض أقاربه الذين سبقوه، وذهب بسيارة أجرة مع اسرته لتفادي الزحام لأداء العمرة وفي حزامه فقط مئة ريال وجواله ومفتاح سيارته، وسارت الأمور على مايرم، ثم عادوا إلى سيارتهم في مكانها وأثناء ما أراد دفع أجرة التاكسي اكتشف أن المبلغ مع مفتاح السيارة غير موجود، وكان المطر ينهمر بغزارة والجو يميل إلى البرودة، وتدبر أجرة التاكسي وأوقف إحدى الدوريات التي قالت انتظر سنرسل لك سطحة على حسابك الخاص تنقل السيارة إلى محل المفاتيح، ثم مضت ولم تأتِ السطحة، وتم الاتصال بالمرور قالوا اتصل على الدفاع المدني، وقال الدفاع المدني لا شأن لنا في ذلك هذه مسؤولية المرور اتصل عليهم، عاود الاتصال بالمرور مرة ثانية: (يا جماعة معي عائلة والجو برد ومطر وليس معنا سوى الإحرامات)، قالوا لا شأن لنا، ولكننا سنرسل لك صاحب ونش كرماً منا -بعد قليل اتصل صاحب الونش لمعرفة المكان مضى أكثر من ساعة ولم يصل- تم الاتصال به فتبين أنه ضل الطريق وعلق في الزحمة. في هذه الاثناء توقف ثلاثة من الشباب عرضوا خدماتهم قال أريد مفتاح العجل حاول كسر نافذة الزجاج الصغيرة عند الباب الخلفي تعاقب معهم عليه حتى انثنى مفتاح العجل ولم تنكسر قالوا سنتصل على صديق عنده خبرة في فتح أبواب السيارات، عرفنا لاحقاً أن صديقهم هذا كان حرامي سيارات لأكثر من ثلاث سنوات قبل إعلان توبته، ولم تمضِ دقائق حتى وصل اللص التائب على ظهر دراجة نارية ومعه شنطة أدوات الفتح القديمة، لكنه حاول ولم يستطيع واعتذر في النهاية أن السيارة مؤمنة ولا يستطيع فتحها، وأشرت إلى الزجاجة الجانبية الصغيرة قلت هل تستطيع كسرها فأنا احتفظ بنسخة للمفتاح داخل السيارة قال أجرب ثم ذهب إلى محل بنشر مجاور وأحضر (مرزبة) أهوى بها على الزجاجة التي تناثرت داخل السيارة، وقبل أن يرفع يده كان صاحب الونش السوداني وهو أيضا فني مفاتيح قد وصل؛ فانهال علينا بالسب والشتائم مردداً (الله يخرب بيتكم)، ثم نهرنا غاضبا وتحدى أن نفتح الباب (يالله افتحوا) كان صادقاً إذ لم نتمكن من فتح السيارة التي كلما حاولنا فتح بابها اشتغل الانذار (خذوا هذه فائدة)، فالسيارة التي تقفل بواسطة الريموت كنترول لا ينفتح أي من أبوابها إلا من خلال الريموت أو من خلال زر قفل الباب الأمامي والذي اسقط عليه سسته مخصصة، وفتح السيارة خلال ثوان ثم تسلم 150 ريالاً وانصرف.