في إحدى هذه الليالي (المربعانية) كنت ومجموعة من الأصدقاء في طلعة برية، عانينا في بدايتها برداً قارصاً (يدخل العظم) قبل أن نضرم النار ونضع أبريق الشاي المنعنش على الجمر ليتسرب الدفء والنشاط لأجسامنا لكن الظلام الدامس الذي يلف المكان، وتلك العمائر القليلة المترامية الأطراف والتي بالكاد نرى أنوار أسوارها جعلتنا نتساءل عن مدى احتمالية سطو اللصوص على منازل سكان هذا الحي ومثيلاته من الأحياء الجديدة القابعة بأطراف المدينة وسرقة محتوياتها في ظل وجود شباب مفحطين ودرباوية وعمالة متسللة ومخالفة!! أحدنا قلل من هذا الهاجس منبهاً إلى أن صاحب المنزل سيكون محتاطا وقادرا على حمايته وإلا لما ملك الشجاعة في الأساس وسكن بهذا المكان البعيد والموحش، وآخر تضامن معه في الرأي ولكن بصورة أخرى حين ذكر بأن السارق إذا نوى فإنه لن يعجز عن الوصول لهدفه بغض النظر عن موقعه، في هذه الأثناء ولقناعتي بما ذكراه (عززت) من نظرتهما على الرغم من معارضة البقية، واستشهدت بتلك الحادثة التي تظهر سماحة وسذاجة الناس وخبث وعبقرية اللصوص لدرجة يصعب معها فك لغز جريمتهم أو الكشف عن هوايتهم !؟ الحادثة (سبق نشرها) وتعود إلى أن أحد موظفي أرامكو (وطبعاً لا ينقصه الذكاء) تفاجأ بسرقة سيارته من أمام منزله فقام على الفور بإبلاغ الشرطة قبل أن يكشف إعادتها لنفس المكان الذي كانت فيه وعلى مقودها وضعت رسالة اعتذار وطلب صغير من اللصوص بأن يسامحهم ويدعو لهم معللين سرقتهم بظروفهم الصعبة (التي عدت بسلام) مرفقين تذاكر عمرة مجانية كنوع من المصالحة، المفاجأة أن صاحب المنزل نفذ مطلب اللصوص وأدى العمرة برفقة عائلته وعندما عاد اكتشف سرقة محتوياته المنزل بالكامل!! توقفت سوالفنا مع حضور صديقنا المعروف عنه (المته الزائد) فسارع إلى تبرير تأخره مدعياً بأنه أضاع مفتاح الشقة وكان بحاجة إلى بعض الأغراض فأخذ يبحث عن محل (قص مفاتيح) أو نجار، حتى اهتدى لمحل أخر الشارع حمل العامل شنطته ورافقه ثم فتح الباب وغير الكالون وأخذ أجرته المرتفعة (كونه يستغل بجشع حاجة الزبون له) حينها سألت صاحبنا: هل العامل طلب هويتك أو سجل بياناتك، فصاح عليّ قائلاً: أقول أما أنته الله يصلحك يا أخي الشغلة ما يبغالها، والله لو بغيته يفتح أبواب شقق العمارة كلها ليفتحها (بس كل شيء بحقه)!! إلا يبغالها ونص (قلتها وأنا أضحك من جوابه) وإلا فإن هذا المحل سيكون (وكر) للصوص خاصة وأن إجازاتنا كثيرة وقد يستغل غياب أهل المنزل بصنع مفتاح أو تغيير كالون ثم تقيد السرقة ضد مجهول، ولا أدري ما فائدة سن (لائحة تنظيم صنع وتصليح واستنساخ المفاتيح) وهي لا تطبق، مع أنها تنص صراحة على وجوب فتح سجل تحت إشراف مركز الشرطة المختص ليدون فيه عدد المفاتيح التي تم صنعها وتاريخ صرفها وعنوان واسم من صنعت له من واقع بطاقته أو إقامته ومن يخالف ذلك يقفل محله لمدة ويغرم فإن عاد سحبت الرخصة، عندها بدأنا نطالع بعضنا بقلق وتعللنا بأن الوقت قد تأخر وأمامنا مشوار طويل لنصل إلى منازلنا (ربنا يحمي علينا)!؟.