في الوقت الذي التبس على الكثيرين الحق بالباطل، وظهرت ازدواجية المعايير وتداعت على أمة الاسلام المحن والتحديات من كل حدب وصوب، فاستشرى داء الإرهاب (الدولي) في فلسطين من قبل الصهاينة المحتلون و(الداخلي) في بعض البلدان العربية والاسلامية من قبل دعاة الفتنة ممن يروجون للإرهاب بإسم الإسلام، وتلاطمت أمواج الفتن محدقة بأوطان المسلمين. جاء خطاب سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – يحفظه الله- ليجسد الموقف الحكيم والشجاع لقائد الأمة الكبير، أعذر إلى الله وابرأ ذمته وأنذر وحذّر من كل ما ينتظر المنطقة من أخطار، بكلمات واضحة وبشفافية تكشف نقاء السريرة وصفاء المعدن، واستشراف للمواقف التاريخية لرموز أمتنا الإسلامية عبر تاريخها الطويل، ذات الحلول والمعالجات الإستراتيجية المستدامة، فكانت الكلمات ذات مغزى بعيد المدى، ودلالة تشخص الداء وتصف الدواء لأوجاع وآلام الأمة، برؤى صادقة تنظر للأمور بحقيقتها لا بالحسابات الضيقة البعيدة عن المبادئ والقيم الأخلاقية الراسخة. هذه الكلمات الصادقة التي خرجت من قبل مُحب لأمته الاسلامية والعربية وشخصية لها ثقلها الكبير على المستوى العربي والإسلامي والدولي، تلقفها العالم بأسره وكان لها صدى أسمع القاصي والداني، إن سيدي خادم الحرمين الشريفين-أيده الله- يسير على خطى أسلافه من قادتنا الراشدين منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود – طيب الله ثراه- لايقبل أي مُزايدة على الثوابت الدينية والأخلاقية ولا يمكن أن يحيد عنها أبدا. فكان التركيز في الاستهلال على استنكار العدوان الغاشم على غزة والتخاذل الغريب من قبل المجتمع الدولي أمام مجازر الإسرائيليين الذين استهدفوا الأطفال والنساء والشيوخ وتقاعست المنظمات والدول الكبرى عن وقفه. وكشفت الكلمات الضافية موقف المملكة الواضح الذي يتسم بالوسطية والاعتدال ونبذ العنف والتطرف وتطرقت للتحذير من نار الفتنة المشتعل في الكثير من الدول وامتداد خطر الإرهاب هنا وهناك، فدعا -يرعاه الله- للوقوف وقفة رجل واحد لمنع الفتنة وقول الحق وإزهاق الباطل في وجه من يريد أن يتخذ من الإسلام ذريعة لتحقيق مآربه الدنيئة وأهدافه التخريبية مُتلبسا برداء الدين وتشويه صورة الإسلام النقية وتحويل طريقه القويم إلى طريق الخوارج، فكشف هذا التوجيه الشامل الغطاء عن مايخفى ورسم للمسلمين وللعرب ما ينبغي عمله من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ككل لتنعم بالاستقرار، ولافتا النظر بشدة للدول الكبرى أن لهذه الأمة كلمتها ومواقفها القوية وأن استقرارها من استقرار العالم، وأن المواقف المزدوجة باعث كبير للاضطرابات والفتن التي تشحذ التطرف والعنف والإرهاب وتسل سيوفه على الجميع. إن مضامين هذا الخطاب التاريخي تعكس فهما عميقا لما يدور في الساحة العالمية، وخطورة الأحداث الجارية على الأمن والسلم كافة، وحددت مسارات عديدة في المواقف الدولية برزت في الأيام الماضية، لما للمملكة العربية السعودية ممثلة في شخصية سيدي خادم الحرمين الشريفين -أعزه الله- من مكانة واحترام وكلمة مسموعة في العالم وأن أكثر من مليار مسلم ينظرون لها باعتبارها صاحبة الريادة في المواقف الحاسمة التي لا تتجزأ حينما يتعلق الأمر بأمتنا الإسلامية وثوابتنا الدينية الراسخة. وإزاء هذه التوجهات الحكيمة والتحديات المحيطة بنا، نحن الآن مطالبون كل في مجاله بأن نقف صفا واحدا ضد كل ما يهدد أمتنا من إرهاب داخل وخارجي وتوحيد الجهود والتصرف بإرادة واحدة أمام الفتن وما تفرضه من تحديات على الأمتين العربية والإسلامية. فما نادى به خادم الحرمين الشريفين بحنكته وفكره المستنير يستند على معطيات الحق والواقع وروح الاسلام الداعية للحكمة والموعظة الحسنة، ومن ثم بعد استكمال كل السبل التي تعيد أهل الأهواء للطريق السوي، يأتي التصدي للتطرف والأفكار المنحرفة المفضية للعنف والإرهاب والمفاهيم المغلوطة التي تغذيه وتزين جرائمه لدى الآخرين، لتشوه صورة الاسلام والمسلمين في عيون الآخرين وهذا مايخالف تعاليم ديننا الحنيف وهذا ماحرص عليه المليك –يحفظه الله- في خطابه الذي هز به العالم وأثلج صدور المسلمين. حفظ الله لنا مملكتنا الغالية وآدام عليها نعمة الأمن والأمان والاستقرار والازدهار ورغد العيش وأن تتواصل مسيرة النماء والعطاء والرخاء والرفاهية بقيادة المليك المفدى – يحفظه الله- وعضديه سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع – يحفظه الله- وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء – يحفظه الله-.