حين طالب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله العلماء ورجال الدين أن يقوموا بواجبهم في توعية المجتمع من أخطار الإرهاب والمممارسات التي يقوم بها البعض باسم الدين للوصول لأغراض سياسية، فذلك لأنه استشعر بحكمته حجم الكارثة والمصيبة التي أصبح عليها المجتمع الإسلامي والخطر المحدق بالأمة جراء ما نشاهده من مجازر إرهابية بشعة بحق نفوس بشرية صانها الله وحرم استباحة دمائها. كسل العلماء وصمتهم أمام ما يحدث من ممارسات إرهابية صارخة جعل من المجتمع السعودي أرضاً خصبة للتعاطف والتأييد بل ومشاركة بعض شبابنا في عمليات القتل والدمار وسفك الأرواح البريئة. صمت أوهم شبابنا بأن ما تفعله داعش وأخواتها مقبول ويمكن تبريره، وهذا يفسر تعاطف البعض مع هذه المنطمات الإرهابية ظناً منهم أن ما تقوم به هذه المنظمات هو الجهاد!؛ فبئس الجهاد هذا وبئس الاعتقاد. إن ما نسمعه ونشاهده عن مقتل شباب سعودي في سورية والعراق في عمليات انتحارية نتاج طبيعي لكسل بعض العلماء عن تبيان الحق وإدانة الإرهاب؛ وهو ثمرة طبيعية لفتح المجال أمام التيار التكفيري لكي ينمو بهدوء بين شريحة الشباب. إن كسل العلماء المعتدلين هو الذي فتح المجال للمتطرفين بأن يبسطوا سيطرتهم على المشهد العام، خاصة الفضاء الشبابي، دون منافسة من أي فكر آخر. وهكذا تركنا شبابنا في مواجهة مباشرة مع التيار التكفيري دون أن نوفر لهم البدائل الصحية التي تجعلهم أكثر وعياً واتزاناً. فلو كانت هناك استراتيجية واضحة للثقافة والفنون لأمكننا تقليل فرص تعاطف الشباب مع هذه التيارات التكفيرية. ما يجعل الشباب السعودي عرضة لتقبل الفكر الإرهابي هو خلو حياته من كل ما له علاقة بالثقافة والإبداع؛ وفي مثل هذه البيئة الفقيرة إبداعياً يجد فكر التطرف والتكفير مناخاً خصباً للانتشار، فالمشهد الثقافي وغيابه عن الخطط التنموية بكل مراحلها أوجد جيلاً شاباً هشاً بلا هوية ولا فكر سوى الفكر المتطرف، فلا يجد الشاب أي منشط ثقافي أو إبداعي يمكن أن يساهم في تشكيل وعيه وفكره، لم يجد سوى خطاب واحد وفكر واحد واتجاه واحد. وكسل العلماء لا يعني أنهم جامدون لا يتحركون؛ بل لهم نشاطات اجتماعية مقدرة، لكن يعوزهم ترتيب الأولويات، فبدلاً من الانشغال بالأمور البسيطة لابد أن يتحركوا في الموضوع الأهم في هذه الفترة والذي تحدث عنه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله؛ ألا وهو الإرهاب الذي يهدد وجودنا وأمننا، فأي عالم ومثقف ومفكر لابد أن تكون هذه القضية من أولوياته حتى نقضي على التطرف والإرهاب من جذوره.