استمرت جدلية الشكل والمضمون أو الأسلوب والمحتوى أو اللفظ والمعنى همّ نقدي ومحك تقييمي اعتمده النقاد منذ القدم، وألف حوله كبار النقاد مؤلفات نقدية توجيهية وتعليمية ونظريات صارمة تقيد المقبل على إبداع ما، وتوجهه إلى المسلك الناجح؛ ليثمر نصا جميلا، ومن ذلك الإصدار الجديد عن دار الأمان في الرباط ودار الاختلاف في الجزائر ودار ضفاف في بيروت والرياض، في النقد التطبيقي للكاتب المغربي إدريس الكريوي، بعنوان "بلاغة السرد في الرواية العربية". ويقع الكتاب في 343 صفحة من الحجم الكبير، حيث يتمحور الكتاب حول جدلية الشكل والمضمون، أو الأسلوب والمحتوى، أو اللفظ والمعنى في الرواية العربية الحديثة؛ ويعالج هذه الجدلية في ضوء نظريات النقد الغربي الحديث وتوجهات المدارس البلاغية التراثية العربية في آن واحد. كما يتخذ المؤلِّف من رواية الكاتب العراقي المقيم في المغرب الدكتور علي القاسمي "مرافئ الحب السبعة" التي صدرت عن المركز الثقافي العربي في بيروت قبل عامين، نموذجاً للرواية العربية الحديثة، ويطبِّق عليها مقاربته النقدية. قسِّم كتابه إلى قسمين الأول: دراسة موضوعاتية للرواية، ويتناول هذا القسم الأبعاد الفلسفية والنفسية والوطنية فيها؛ أما القسم الثاني فجاء بعنوان: دراسة لأسلوب الرواية ومصاقبة اللفظ للمعنى فيها وتقنياتها الرمزية والجمالية. يصل الناقد إدريس الكريوي في هذا الكتاب إلى نتجية تفيد بأن رواية "مرافئ الحب السبعة" قد ولجت مناخاً روائيا متميزاً صنعه روائيون عرفوا بالصبر والتقليد والمبادرة والتحدي والمنافسة، وسيّتجه عباقرة الحكي العربي في مرحلة متميزة من مراحل النهضة العربية، أمثال طه حسين ويحيى حقي وسهيل إدريس وتوفيق الحكيم والطيب صالح، مضيفًا: "ها هو علي القاسمي يلقي في معرض الأدب الزاخر هذا بروايته النفيسة " مرافئ الحب السبعة" سيراً على خطاهم واقتداء بهم حيناً، واجتهاداً حيناً؛ مضاهاة حيناً، وتعديلاً للمشي والخطى أحياناً".