في كل حدث يجري في العالم أتذكر قصة قرأتها يوما، عن الفأر المرعوب من المصيدة، والتي أراد كاتبها أن يصور بداية المخاوف والمشكلات وتوقعات النتائج في اتجاه معين، لكن تظهر النهايات مختلفة وفي جانب آخر، بحيث تحمل رسالة مفادها: أنه ليس بالضرورة إصابتك بما تخاف منه، كما لا يتحقق الأمن من خلال الابتعاد وحده، وكون المشكلة لا تعنيك. قصة الفأر مع القلق بدأت حيث كان يومًا من الأيام يتجول بين الأثاث و يختبئ عن العيون يبحث عن خبز، يرقب صاحب المنزل الذي دخل ومعه صندوق فيه شيء ما، ظنه الفأر خبزا أو طعاما يناسبه، ولكنه فوجئ بأن الذي في داخله مصيدة للفئران. جن جنون الفأر وخاف على نفسه وأسرته، وحذرهم من المصيدة وطلب منهم مراقبة مواقعها، ونبههم لمزيد من الحذر فربما تغيرت الخطط جراء تغيير المكان لمزيد من الوقاية من شرها والحذر من مفاجأتها. ذهب الفأر مسرعا للدجاجة التي تسكن معهم في البيت نفسه، وأخبرها أن في البيت خطرًا، وهو مصيدة فئران، لكنها لم تكترث، فهي مشكلة الفأر وحده، وليست مصيدة دجاج، فذهب يستنجد بالخروف، ويخبره بالخطر المتمثل في مصيدة الفئران، فكانت ردة فعله كما الدجاجة، فالخروف لا خطر عليه من مصيدة فئران، إنه قادر على أن يتجاوز خطرها بل لا تعني له شيئا على الاطلاق. وهكذا فعل الفأر مع البقرة التي أكدت على الفأر أن لا يقترب منها مرة ثانية في مشكلة كهذه تخصه وحده، فالبقرة أكبر من أن تلتفت لمصيدة فئران. نام الجميع لكن الفأر في قلق شديد وترقب، لا يدري متى تطبق المصيدة عليه أو على أحد أفراد أسرته، حتى مع أدوية النوم لم تنفع معه ولا أدوية المهدئات. وفجأة، وفي عتمة الليل وظلامه أطبقت المصيدة على شيء وسمع صوتها الشديد، فجاءت صاحبة البيت مسرعة، ومدت يدها على المصيدة في ظنها أن الفأر تم صيده، وإذا بثعبان بقي رأسه متحركاً، فلدغها، ولحظات ثم نقلت إلى المستشفى متأثرة بسموم الثعبان. طمأنهم الطبيب على حالتها، وأوصاهم بأن تتناول شوربة الدجاج لتسريع الشفاء، فذبحوا الدجاجة وقدمت لصاحبة البيت، وفي اليوم الثاني جاء عدد من الزوار، فلزم الأمر تقديم عشاء لهم، فذبح الخروف وصنع من جلده قربة ماء، وفي اليوم الثالث ماتت المرأة وكثر المعزون، فذبحت البقرة وقدمت وليمة لهم وصنع من جلدها غرب كبير لاستخراج الماء من البئر. ثم تشاءموا من المصيدة ورموها خارج المنزل، وسلم الفأر وهو أكثرهم خوفا وقلقاً، فنام ليلته التالية بلا مهدئات، قرير العين في بيت واسع لا ينافسه أحد من المخذلين. المشكلة التي قد تكون في محيط غيرك وتخصه، ليس بالضرورة سلامتك منها، بل قد تكون أول ضحاياها.